بعد الإطاحة بالنظام: هذه خارطة طريق للعلم في
سوريا
11 December 2024
نشرت بتاريخ 6 يونيو 2023
تقتل الإنفلونزا الموسمية حوالي 650 ألف شخص سنويًّا حول العالم.. والتعامل معها في التوقيت المناسب يساعد في عمليات الاستشفاء والحد من عدد الوفيات
ربما تعامل معظم الناس مع الإنفلونزا باعتبارها مرضًا غير خطير، وقد يختلط عليهم الأمر بين أعراضها البسيطة التي قد تقتصر على الصداع وسيلان الأنف والسعال وآلام العضلات، وأعراضها الوخيمة التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.
عالميًّا، تقتل الإنفلونزا الموسمية ما يصل إلى 650 ألف شخص سنويًّا، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، وتُعرف الإنفلونزا الموسمية بهذا الاسم لأنها تحدث في أكثر مواسم العام برودة، وتحديدًا في أثناء فصل الشتاء، مرتين سنويًّا، الأولى في أثناء شتاء نصف الكرة الأرضية الشمالي، والثانية في شتاء نصف الكرة الأرضية الجنوبي، لكنها تحدث في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية على مدار العام، مسببةً فاشياتٍ أقل انتظامًا.
التطعيم ضد الإنفلونزا
يمثل اللقاح خط الدفاع الأساسي لتقليل خطر الإصابة بالأمراض الوخيمة والوفيات الناجمة عن الإنفلونزا الموسمية، التي تودي بحياة من 28 ألفًا إلى 163 ألف شخص في أفريقيا سنويًّا، وفق دراسة حديثة نشرتها دورية "ذا لانسيت جلوبال هيلث"، وأجراها باحثون بمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة.
في المقابل، تتأثر فاعلية اللقاح بعدة عوامل، أبرزها تحديد الوباء وتوقيته، الذي يُعد أمرًا أساسيًّا لنجاح جهود الأنظمة الصحية لتخفيف عبء الوباء مثل حملات التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية، وتوقيت تلقِّي العلاج المضاد للفيروسات.
وقدم الباحثون بياناتٍ تفصيليةً عن توقيت بدء وباء الإنفلونزا السنوي في 25 دولة بالقارة السمراء، موضحين أن "النتائج تضع الأساس لتدخلات الصحة العامة في الوقت المناسب، بما يساعد في الاستشفاء مع إمكانية الحد من أمراض الإنفلونزا، وتقليص الوفيات في 25 بلدًا أفريقيًّا تُعد موطنًا لـ1.1 مليار شخص يمثلون 89٪ من سكان القارة".
توقيت بدء الوباء
نظرًا لخطورة وباء الإنفلونزا، أنشأت منظمة الصحة العالمية عام ١٩٥٢ ما يُعرف بـ"النظام العالمي لمراقبة الإنفلونزا والاستجابة لها" (GISRS)؛ بهدف حماية الناس من تهديد الوباء، بمعاونة مراكز وطنية وإقليمية متخصصة في الدول الأعضاء.
راجع الباحثون بيانات الإنفلونزا في 25 دولة أفريقية خلال فترة امتدت لـ10 سنوات، وهذه البلدان وفرت بيانات مراقبة الإنفلونزا لديها لنظام (GISRS)، وكان لديها بيانات 3 سنوات متتالية على الأقل لتحليلها، وطبّق الباحثون ثلاث طرق تحليلية معتمدة من منظمة الصحة العالمية لتحديد بداية نشاط الإنفلونزا الموسمية وذروته ونهايته لهذه البلدان.
ويتم تصنيف البلاد وفق ذروة تشخيص الإصابات التي تحدث فيها خلال العام، فإذا حدثت الذروة خلال الفترة من أكتوبر إلى مارس تندرج هذه البلد تحت نمط نصف الكرة الشمالي، أما إذا حدثت الذروة خلال أشهر أبريل إلى سبتمبر، فيتم تصنيف البلد وفق نمط نصف الكرة الجنوبي، وإذا حدثت الذروة في بلدٍ ما خارج توقيت الموسمين، تُصنّف بأنها ليس لديها نمط محدد لموسم لانتشار الإنفلونزا.
وصنّف الباحثون أنماط وباء الإنفلونزا بالبلدان المشاركة لـ5 مجموعات، ضمت الأولى 6 بلدان لديها نمط نصف الكرة الشمالي هي الجزائر، وبوركينا فاسو، ومصر، والمغرب، والنيجر، وتونس، والثانية 8 بلدان لديها نمط نصف الكرة الشمالي في المقام الأول مع ذروة أخرى حدثت وفق نمط نصف الكرة الجنوبي وهي الكاميرون، وإثيوبيا، ومالي، وموزمبيق، ونيجيريا، والسنغال، وتنزانيا، وتوجو، والثالثة 3 بلدان لديها نمط نصف الكرة الجنوبي بشكل أساسي مع ذروة أخرى حدثت وفق نمط نصف الكرة الشمالي هي غانا وكينيا وأوغندا، والمجموعة الرابعة 3 دول لديها نمط نصف الكرة الجنوبي هي جمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب أفريقيا، وزامبيا، أما المجموعة الخامسة فضمت 5 بلدان ليس لديها نمط واضح هي: كوت ديفوار، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومدغشقر، وموريشيوس، ورواندا.
ورغم أن معظم البلدان كان لديها نمط ثابت بموسم انتشار الوباء السائد، إلا أن بعض الأوبئة حدثت خارج موسم السائد، فمثلًا وجد الباحثون أن مصر تتماشى مع نمط نصف الكرة الشمالي، ومع ذلك، كانت هناك 6 سنوات إضافية حدثت خلالها الأوبئة أيضًا ضمن موسم نصف الكرة الجنوبي، وبشكل عام، حدثت 106 (43٪) من 248 وباءً خارج موسم الوباء السائد بـ20 دولة ذات أنماط موسمية محددة.
مساهمة حاسمة
تقول ليدور إغبوه -عالِمة الأوبئة بقسم التحصين العالمي في مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، وقائد فريق البحث- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": أظهرت بيانات الوباء التي تم تحليلها تنوعًا مهمًّا في المناطق التي تمت دراستها وسلطت الضوء على الطبيعة غير المتجانسة لأوبئة الإنفلونزا؛ إذ تم رصد 5 أنماط معقدة بناءً على الاتجاهات الوبائية من نصف الكرة الشمالي إلى النصف الجنوبي، ما يؤكد أهمية تعزيز الترصد على مدار العام لإنشاء تصنيفات قائمة على الأدلة لأنماط الوباء.
وحول أهمية النتائج، أوضحت "إغبوه" أن توفير بيانات عن تصنيف مواسم وباء الإنفلونزا من مناطق العالم بما في ذلك أفريقيا مهم للغاية لرصد نشاطها، من أجل اختيار اللقاح المناسب في الوقت المناسب، وتوقيتات بدء حملات التلقيح والتوعية بالمرض.
من جهته، أشار سامي قاسم -أستاذ الفيروسات بكلية الطب البيطري بجامعة كفر الشيخ في مصر- إلى أن توصيف توقيت حدوث أوبئة الإنفلونزا الموسمية يقود إلى اتخاذ القرارات المناسبة بشأن توقيت التطعيم، ويساعد الأنظمة الصحية على تطوير إستراتيجيات التحصين الوطنية.
وأضاف "قاسم" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": التحصين هو أنجع وسيلة للوقاية من المرض، وقد تمت إتاحة اللقاحات المأمونة والناجعة واستخدامها طيلة أكثر من 60 عامًا مضت، لأنها توفر حماية معقولة للبالغين الأصحاء حتى عندما لا تتطابق الفيروسات المنتشرة تمامًا مع فيروسات اللقاح، وتحد من تفاقم تأثير المرض وحدوث المضاعفات والوفاة.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.79
تواصل معنا: