جامعات تحذر: القيود المفروضة على هجرة الطلاب الأجانب تضُر البحث العلمي
08 December 2024
نشرت بتاريخ 28 مايو 2023
أَعلن باحثون في الصين أن إحدى التقنيات التعويضية باستخدام الميتوكوندريا لا تؤثر في النمو المبكر.
في عام ٢٠١٦، وعند ولادة أول طفل يُحمل به عبر استخدام تقنية مزج المواد الجينية، التي حصل عليها العلماء من ثلاثة أشخاص مختلفين، أبدى بعض المتخصصين قلقهم من أن هذه الإجراءات الطبية لم تخضع لدراسة تثبت سلامتها. ولذلك في الوقت الحالي، أجرى مجموعة من العلماء في الصين أوّل دراسةٍ شاملةٍ من نوعها لهذه التقنية، في مراحل نمو مبكرة للأجنة البشرية، وأفادوا بأنه لا يظهر ما يدل على كون هذه التقنية تؤثر بأي شكل على نمو الأجنة. (S. Qi et al. PLoS Biol.20, e3001741; 2022).
يهدف التصميم الذي وُضع لتقنيات تشكيل الأجنة هذه، والتي سمحتْ للعلماء باستخدام المادة الجينية من ثلاثة أشخاص، إلى منع انتقال الميتوكوندريا (وهي العُضيّات التي تزوّد الخلايا بالطاقة) المصابة بعيوبٍ من الأمهات إلى أطفالهن. تشتمل الميتوكوندريا على حمضها النووي الخاص، وكل الميتوكوندريا التي يرثها الأطفال تأتي من أمهاتهم.
وبالفعل تقول وي شِنغ، المؤلفة المشاركة في الدراسة، وطبيبة أمراض النساء والتوليد في مستشفى جيش التحرير الشعبي الصيني العام في بكين: "إن العلاج التعويضي باستخدام الميتوكوندريا هو مجالٌ مثيرٌ للجدل. لكننا نأمل في أن نوفّر ببحثنا أساسًا يسمح بإدخال تطوير على التقنية".
كانت شِنغ وزملاؤُها قد درسوا سلامة واحدٍ من الأنواع الرئيسيةِ الثلاثةِ للعلاجِ التعويضي باستخدام الميتوكوندريا، والذي يحمل اسم «نقل المِغزل»، وقد استُخدِم لتشكيل أول طفلٍ يحمل مواد جينيةٍ تأتي من ثلاثة أشخاص، وولدَ هذا الطفل في المكسيك. وفي هذه الطريقة، يُنْقَل الحمض النووي المأخوذ من بويضة امرأةٍ مصابةٍ بعيبٍ في الميتوكوندريا إلى بويضةٍ من مُتبرِّعة أُزيل منها حمضها النووي، لكنها تملك ميتوكوندريا سليمة. وتُخصّبُ البويضةُ بعد ذلك بحيوان منويّ من الأب داخل أنبوب اختبارٍ. ويحتوي الجنين الناتج من هذه العملية على جيناتٍ من الوالدين كليهما إضافةً إلى جينات الميتوكوندريا التي تأتي من المتبرعة.
وفي إحدى مراحل هذه الدراسة، أجرى الفريق مقارنةً بين عشرات من الأجنة البشرية التي خضعَتْ لعملية نقل المِغزل مع مجموعةٍ أخرى ضابطةٍ من الأجنة. وقد تُركتْ مجموعتا الأجنة لتنموَا، لمدةٍ وصلَتْ إلى أسبوعٍ بعد عملية الإخصاب. ووجد الباحثون أن مستويات التعبير والنسخ الجيني داخل خلايا الحوصلة الأرومية، وقتما كانت تبلغ من العمر خمسة أيامٍ، متطابقةٌ تقريبًا بين المجموعتين، ما يشير إلى أن نقل المِغزل لا يؤثر على مراحل النمو الجنيني المبكرة. وقد نشرَ المؤلفون النتائجَ التي توصلوا إليها في دورية «بي إل أو إس بيولوجي» PloS Biology الشهر الماضي.
وحسبما يقول ديتريك إغلي، وهو عالم بيولوجيا الخلايا الجذعية في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك: "هذه هي الدراسة الأولى التي تُجري مقارنةً شاملة كهذه على الأجنة البشرية التي جرى تخليقها باستخدام تقنية نقل المغزل". مضيفًا أنّ هذا العمل "رائعٌ وفريدٌ من نوعه"، نظرًا لجودة البحث العلمي وتماسكه، إلى جانب كمية البيانات التي يوفرها لنا. ويقول إغلي: إن استيفاء معايير السلامة في تقنية نقل المِغزل كان متوقعًا؛ بسبب الأدلة التي قدمتها دراسات سابقة أُجريتْ على الحيوانات، ومن الدراسة التي تناولت الطفل السليم، الذي ولد عام 2016، وإن كان ذلك لم يُثبت بصورة قاطعة حتى الآن.
أمراض الميتوكوندريا
من بين كل ٥ آلاف طفل تقريبًا، يولد واحد مصاب بأحد الأمراض الناتجة عن طفرة ضارة في حمض الميتوكوندريا النووي. وهذه الجينات المعيبة قد تؤدي إلى الإصابة بمشكلاتٍ في الكثير من الأعضاء، من بينها القلب والدماغ. ويقول إغلي: إنّ العلاج التعويضي باستخدام الميتوكوندريا يبدو، حتى الآن، أكثر الطرق فاعلية لمنع انتقال هذه الجينات إلى النسل.
لكن مين تشيانغ، العالمةٌ المتخصصةٌ في بيولوجيا الميتوكوندريا، من جامعة ويستلايك في هانجتشو بالصين، تقول: إنّ التأثيرات طويلة المدى للعلاج التعويضي باستخدام الميتوكوندريا لا تزال غير واضحةٍ حتى الآن، ففي ظل التقنيات التي نستخدمها حاليًا، تُنقل كمية صغيرة من الحمض النووي لميتوكوندريا الأمّ، عن غير قصدٍ، إلى البويضة التي جرى التبرّع بها، وعادةً ما تشكّلُ هذه النسبة أقل من 2٪ من إجمالي حمض الميتوكوندريا النووي الجنيني. وتضيف شِنغ: إن التقنية قد تحسّنتْ في الفترة الأخيرة، لدرجة أنها أصبحتْ تُبقي الحمض النووي عند مستوياتٍ "غير مرصودة تقريبًا". لكن تشيانغ تعود لتحذر مما تشير إليه بعض الأبحاث من أنّ نسبة حمض ميتوكوندريا الأم النووي قد تزداد مع زيادة نمو الخلايا (E. Kang et al. Nature 540, 270–275; 2016)، ما يزيد من خطرَ إصابة النسل بأمراض الميتوكوندريا. وهي تشرح ذلك قائلة: "حتى الآن، تُظهِر الدراسات نجاح تقنية نقل المِغزل. لكن من اللازم إجراء المزيد من التجارب الإكلينيكية لاستقصاءُ التأثيرات الصحيّة طويلة المدى عند الأطفال المولودين باستخدام هذا العلاج".
جدير بالذكر أن عددًا قليلًا من البلدان، من بينها المملكة المتحدة وأستراليا، هي التي أجازت تلك التقنية للعلاج التعويضي باستخدام الميتوكوندريا. أما في الصين، فقد حُظِرَ استخدامه علاجًا للعقم عام 2003، وإن كانت الحكومة لم تحدد ما إذا كان ذلك الحظر يشمل استخدامه لحماية الأطفال من وراثة أمراض الميتوكوندريا.
وتقول شِنغ: إن الفريق قد خطّط بالفعل لإجراء تجارب إكلينيكيةٍ على العلاج التعويضي باستخدام الميتوكوندريا في الصين، إذ لا يحظر القانون الصيني صراحةً تجارب كهذه، لكن الفريق حوّل تركيزه إلى جمعِ مزيدٍ من بيانات السلامة في المختبر عقب فضيحة «طفل كريسبر»، ففي عام 2018، أعلن العالِم الصيني هُوْ جيانكوي عن استخدامه تقنية «كريسبر-كاس9» CRISPR–Cas9 للتحرير الجيني بغرض إجراء تعديلات جينية على الحمض النووي في أجنةٍ زُرعَتْ لاحقًا في امرأة. وقد أدان علماء من أنحاء العالم، وعلى نطاق واسع، ما فعله جيانكوي من استخدام تقنية «كريسبر» في الأجنة، باعتبار ذلك استخدامًا محفوفًا بالمخاطر، إلى جانب كونه غير أخلاقي، وقد سُجِن هُوْ على خلفية ذلك.
يعود إغلي ليؤكد أن دراسات السلامة، التي تُجرى على تقنية نقل المِغزل، ستوفّر للجهات التشريعية، في البلاد التي تمنع هذه التقنية، أدلةً هامة تساعدها على تقييم سلامة التقنية وفعّاليتها.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.70
تواصل معنا: