أخبار

ما الذي يجعل الحيوانات مُخططة؟

نشرت بتاريخ 13 نوفمبر 2023

العملية الفيزيائية المسؤولة عن إزالة الأوساخ من الغسيل قد تؤدي دورًا حاسمًا في كيفية تطوير الحيوانات لخطوطها وبقعها الملونة المميزة

محمد منصور

أجرى الباحثون محاكاة للنمط السداسي الموجود على جلد سمكة الصندوق المزخرفة باستخدام معادلات تورينج
أجرى الباحثون محاكاة للنمط السداسي الموجود على جلد سمكة الصندوق المزخرفة باستخدام معادلات تورينج

THE BIRCH AQUARIUM/ SCRIPPS INSTITUTION OF OCEANOGRAPHY, BENJAMIN ALESSIO/UNIVERSITY OF COLORADO BOULDER Enlarge image
ظل تشكُّل الأنماط في مملكة الحيوان -من الخطوط الموجودة على الحمير الوحشية إلى البقع الموجودة على الفهود-لغزًا في مجال علم الأحياء.

والآن، ووفق دراسة نشرتها دورية "ساينس أدفانسس"، توصل فريق من المهندسين بجامعة "كولورادو بولدر" إلى اكتشاف رائد يمكن أن يلقي الضوء على هذا اللغز.

وتوفر الدراسة منظورًا جديدًا حول تكوين الأنماط في العالم البيولوجي.

يقول "بن أليسيو"، الباحث في قسم الهندسة البيولوجية والكيميائية بالجامعة، والمؤلف المشارك في الدراسة: إن ظاهرة ميكانيكية بسيطة تسمى الرحلان الانتشاري يمكن أن تفسر السمات المعقدة والمفصلة لتشكيل النمط البيولوجي، مثل الألوان الدقيقة المرسومة على جلد سمكة البقس المزخرفة، أو البقع المزدوجة الموجودة في بعض أنواع ثعابين البحر.

يضيف "أليسيو" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": الرحلان الانتشاري قوة ميكانيكية تقوم من خلالها الجزيئات الصغيرة -مثل الملح أو الجزيئات الحيوية الصغيرة المنتشرة- بدفع جزيئات كبيرة نسبيًّا، مثل اللدائن الدقيقة أو خلايا العضلات والأعصاب التي قد تظل بلا حراك تقريبًا.

في عملية الرحلان الانتشاري، تساعد المادة الجزيئية سريعة الانتشار على حركة مادة صغيرة الحجم تنتشر ببطء، وهي عملية مهمة لمجموعة من المواد مثل منظفات الغسيل، ولها تطبيقات محتملة في تنقية المياه وتطوير الأدوية.

يقول "أليسيو": على الرغم من كون علم الأحياء معقدًا للغاية، كما يتضح من الأنماط المعقدة والجميلة على جلود الفقرات، فإنه مثل كل شيء آخر يُمكن أن يتم وصفه بقوانين الفيزياء.

في السابق، فحص علماء الأحياء كيفية تشفير الجينات للمعلومات الخاصة بأنماط الحيوانات، مثل لون بقع النمر أو خطوط الحيوان الوحشي. ومع ذلك، لا يستطيع علم الوراثة وحده تفسير المواقع الدقيقة لهذه الأنماط.

منذ عقود مضت، اقترح عالِم الرياضيات "آلان تورينج" نظريةً تشير إلى أنه مع تطور الأنسجة، فإنها تنتج عوامل كيميائية تنتشر عبر الأنسجة، مما يخلق أنماطًا، وتتفاعل بعض العوامل لتشكل بقعًا، في حين تمنع عوامل أخرى هذا التفاعل، مما يخلق مساحةً بين البقع، وكان نموذج رد الفعل والانتشار هذا خروجًا عن العمليات الجينية المعقدة، وقدم تفسيرًا بسيطًا لتشكيل النمط البيولوجي. ومع ذلك، كان لنموذج "تورينج" قيود في تفسير حدة الأنماط الموجودة في الطبيعة، فعلى سبيل المثال، عندما ينتشر الحليب في القهوة، فإنه يخلق أنماطًا غامضة.

أدى هذا التناقض إلى عمل فريق البحث على استكشاف دور العملية المعروفة باسم الرحلان الانتشاري.

وكشفت عمليات المحاكاة التي أجراها الباحثون أن عملية الرحلان الانتشاري تتبع دائمًا مسارًا واضحًا، مما يخلق أنماطًا ذات خطوط عريضة حادة.

ولاختبار دورها المحتمل في الأنماط الحيوانية، أجروا محاكاةً للنمط السداسي الموجود على جلد سمكة الصندوق المزخرفة باستخدام معادلات تورينج، إلا أن النتائج جاءت مخيبةً للآمال.

 لكن عندما دمجوا عملية الرحلان الانتشاري في المعادلات، كانت النتيجة تشبه إلى حدٍّ كبير النمط الحاد والحيوي ثنائي اللون الذي شوهد على الأسماك.

 تشير نظرية الفريق إلى أنه عندما تنتشر العوامل الكيميائية عبر الأنسجة كما وصفها "تورينج"، فإنها تقوم أيضًا بسحب الخلايا المنتجة للصبغة من خلال الرحلان الانتشاري، على غرار الطريقة التي يزيل بها الصابون الأوساخ من الغسيل، وتؤدي هذه العملية إلى ظهور بقع ذات خطوط أكثر وضوحًا.

يقول "أليسيو": تُظهر النتائج أن الطُّرق التي تطور بها الطبيعة أنماطًا معقدةً قد تكون أكثر بساطةً مما كنا نعتقد سابقًا، وهذا يجعلنا أقرب إلى فهم جميع العوامل التي تؤدي دورًا في التطور البيولوجي، وهو أمرٌ ضروري للتطبيقات الطبية الحيوية مثل علاج السرطان والنمو الجنيني، وقد يؤدي إلى تطبيقات هندسة الكيمياء الحيوية.

ويرى "أليسيو" أن أحد التطبيقات المحتملة هو تصميم مواد اصطناعية تحاكي خصائص الجلد الطبيعي، مثل رقعة الجلد الاصطناعية التي تشكل نمطًا تشخيصيًّا يعتمد على التركيزات الخارجية مثل مستويات السكر في الدم أو التركيزات الكيميائية في البيئات الخطرة.

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.239