لماذا حصد التنبؤ ببنية البروتينات جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024؟
12 October 2024
نشرت بتاريخ 10 سبتمبر 2023
ترتبط حركة العين بالمكان الذي يوجه فيه الشخص انتباهه.. وتمثل "نافذة" لتتبُّع معالجة الأفراد للمعلومات
يمكن لحركات العين أن توفر معلوماتٍ قيِّمةً حول عمليات صنع القرار، حتى لو لم تكن تلك الحركات ذاتها مرتبطةً ارتباطًا مباشرًا بعملية صنع القرار، وفق دراسة نشرتها دورية "كوميونيكيشن بيولوجي" (Communications Biology).
وتتناقض نتائج الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة " توهوكو" اليابانية مع الاعتقاد السائد بأن أنشطة اتخاذ القرار لا تؤثر على حركات الجسم مثل حركات العين أو اليد؛ إذ وجد الباحثون أن اتخاذ القرار الإدراكي يتداخل مع حركات العين، ولكن ليس مع حركات اليد.
ويمكن أن يمهد هذا الاختراق الطريق أمام تقنيات جديدة لمراقبة أنشطة الانتباه في أثناء مهمات اتخاذ القرار الحاسمة في مجال الرعاية الصحية أو حتى منع الجريمة.
وترتبط حركات العين ارتباطًا وثيقًا بالمكان الذي يوجه فيه الشخص انتباهه، فعندما يواجه الأفراد قرارًا ما، فإنهم يميلون إلى تركيز أنظارهم على المعلومات والمحفزات ذات الصلة، ومن خلال تحليل المكان الذي ينظر إليه الشخص، يمكن للباحثين استنتاج المعلومات الأكثر أهميةً لعملية اتخاذ القرار.
ويمكن لتسلسل تثبيت العين على كائنات أو خيارات مختلفة ومدته أن يكشف عن كيفية معالجة الأفراد للمعلومات؛ فعلى سبيل المثال، قد يشير تركيز البصر مدةً طويلةً على خيار معين إلى دراسةٍ أعمق -أو عدم اليقين- بشأن هذا الخيار.
كما يمكن أن تعكس حركات العين تفضيلات الشخص وتقييماته، فعند تقديم الاختيارات، قد يركز الأشخاص أكثر على العناصر التي يجدونها جذابة، مما يوفر نظرةً ثاقبةً لمعايير اتخاذ القرار الخاصة بهم.
ويُحاول العلماء في جميع أنحاء العالم البحث عن مؤشرات واضحة لما يجري داخل عقولنا عندما نفكر في القضايا ونتخذ القرارات في محاولة لاستكشاف الأعمال غير المرئية للعقل من خلال مراقبة الإشارات الدقيقة الصادرة من الجسم.
وكشفت رؤى جديدة من التجارب التي أُجريت في جامعة "توهوكو" اليابانية عن وجود صلة بين حركات العين وأنواع معينة من اتخاذ القرار.
يشير "كازوميتشي ماتسوميا" -أستاذ علم النفس المعرفي في كلية الدراسات العليا لعلوم المعلومات بجامعة توهوكو، والمؤلف المشارك في الدراسة- إلى أن "الاعتقاد باتخاذ القرار أولًا ثم تخطيط الحركات الجسدية وتنفيذها في مرحلة لاحقة خطأ تمامًا".
افترضت الأبحاث السابقة أن العمليات المعرفية لاتخاذ القرار لا تؤثر على الحركات الجسدية عندما تكون الحركات غير ذات صلة بعملية صنع القرار؛ فعلى سبيل المثال، إذا حددتَ أحد الخيارات المقدمة كمعلومات مرئية، ولكنك وجهت عينيك إلى منطقة لا علاقة لها بالخيار المحدد، فمن المعتقد أن حركات العين لم تتأثر بعملية اتخاذ القرار، ومع ذلك، يقول "ماتسوميا" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل ايست": إن البحث الجديد يُظهر أن حركات العين تتأثر بعملية صنع القرار.
وتوضح الدراسة أن الإشارات المتعلقة بالقرار تتدفق باستمرار إلى الجهاز الحركي للعين وحده، وهو الأمر الذي يُمكن أن يسهم في فهمنا للعلاقة بين العمليات المعرفية والحركات الجسدية.
يقول "ماتسوميا": بدأت الدراسة منذ عامين، وتحديدًا حين تولّد لديَّ اهتمام بالعلاقة بين اتخاذ القرار والأفعال الحركية، كنا ندرك حقيقة أنه من غير المعروف كيف يؤثر اتخاذ القرار على الحركات الجسدية المتعددة غير المرتبطة بالقرار مثل حركات العين واليد المتزامنة، وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن الحركات الجسدية تتأثر باستمرار بعمليات اتخاذ القرار المستمرة، لذلك افترضنا أولًا أن اتخاذ القرار لن يؤثر فقط على حركات العين، بل أيضًا على حركات اليد، حتى عندما لا تكون هذه الحركات مرتبطةً باتخاذ القرار.
ومن أجل التأكد من صحة ذلك الافتراض، أصدر الباحثون في جامعة توهوكو تعليماتٍ للمشاركين بتحريك أعينهم وأيديهم اليمنى نحو أهداف لا علاقة لها بمهمة اتخاذ القرار الإدراكي المستمر، وتم تكليف المشاركين أولًا بمهمة منفصلة؛ إذ طُلب منهم اتخاذ القرار والإبلاغ عن اتجاه حركة المحفز البصري الذي عُرض لفترة وجيزة على الشاشة.
وتم تعريف هذا الأمر على أنه مهمة صنع القرار الإدراكي، ثم قام المشاركون بأداء المهمة التي لم تكن فيها حركات أعينهم وأيديهم الحركية ذات صلة بعملية اتخاذ القرار.
أتاحت مقارنة نتائج المهمتين لفريق البحث تحديد -وقياس- أي آثار لاتخاذ القرار على حركات العين واليد التي لا علاقة لها بالقرارات.
ووجد الباحثون أن عملية اتخاذ القرار الإدراكي تتداخل مع حركات العين، وهذا يدل على أن الإشارات العصبية المشاركة في اتخاذ القرارات تتدفق باستمرار إلى نظام حركة العين، حتى عندما تكون الإجراءات الحركية المتعددة غير ذات صلة بعملية صنع القرار، وفق الدراسة.
ويتوقع الباحثون أن تُسهم النتائج التي توصلوا إليها في تطوير تقنيات جديدة للاستدلال على متى تسير مهمات اتخاذ القرار في العقل، حتى عندما لا يتضمن اتخاذ القرارات أي حركات للعين؛ إذ يقول "ماتسوميا": إن البحث يؤكد أن حركات العين هي نافذة على العقل الحاسم.
ويمكن استخدام هذا لتعزيز البحث الأساسي حول ما يجري داخل عقل الشخص، من خلال مراقبته بشكل غير مباشر عندما يتم اتخاذ القرارات أو لا يتم اتخاذها.
يضيف "ماتسوميا": يمكن استخدام النتائج التي توصلنا إليها في تطبيقات أكثر عملية، مثل مراقبة الانتباه عند تنفيذ المهمات الحاسمة التي تتضمن اتخاذ قرارات مهمة؛ فعلى سبيل المثال، قد تكون هذه نتائج الدراسة مفيدةً لدعم الرعاية العقلية، ودعم رعاية مرضى الخرف، ومنع الجريمة.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.161
تواصل معنا: