أخبار

السياحة البيئية قد تغير سلوك أسماك قرش الحوت

نشرت بتاريخ 7 سبتمبر 2023

تعاني أسماك "القرش الحوتي" من اضطرابات في السلوكيات الغذائية والإنجابية عند سباحة البشر بالقرب من موائلها

محمد السعيد

قام الباحثون بتحليل 39 مقطع فيديو لأسماك قرش الحوت في خليج لاباز
بالمكسيك

قام الباحثون بتحليل 39 مقطع فيديو لأسماك قرش الحوت في خليج لاباز بالمكسيك


Joel Gayford, Imperial College London

Enlarge image
خلال السنوات الماضية، تحولت السياحة البيئية بالقرب من موائل أسماك القرش إلى صناعة عالمية تبلغ قيمتها السنوية ملايين الدولارات، لكن التأثيرات البيئية المحتملة لهذه الصناعة لا تزال غير مفهومة جيدًا.

 

من هنا، تأتي أهمية الدراسة التي نشرتها دورية "ساينتفك ريبورتس" اليوم "الخميس"، 7 سبتمبر، محذرةً من تأثير السياحة البيئية بالقرب من موائل أسماك القرش الحوتي على زيادة احتمالية إظهار تلك الأسماك لأنماط سلوك مضطربة تشبه الحركات السريعة والمتعرجة المرتبطة بالحيوانات المفترسة الهاربة.

 

وتشير نتائج الدراسة إلى أن السياحة البيئية قد يكون لها تأثير كبير على البحث عن الطعام والسلوك الإنجابي لأسماك قرش الحوت؛ إذ لاحظ الباحثون زيادةً في أنماط السلوك المضطرب عند وجود أحد السباحين بالقرب من موائل تلك الأسماك التي قد تلجأ إلى بذل طاقة أكبر مما تبذلها عند السباحة في عزلة.

 

وأوضحت الدراسة أن هذا التغيير في السلوك قد يؤثر على التكاثر.

 

يقول "جويل جايفورد"، طالب الماجستير في مجال البيئة والتطور والحفظ في كلية "إمبريال كوليدج لندن"، والمؤلف الرئيسي للدراسة: "إن وجود السباحين البشريين يؤدي إلى إظهار أسماك قرش الحوت سلوكًا أكثر اضطرابًا، والسباحة بشكل أسرع وتغيير الاتجاه بشكل متكرر، ما يزيد من كمية الطاقة التي تستخدمها أسماك القرش، ومن المحتمل أن يعطل سلوكياتها الطبيعية في البحث عن الطعام".

 

يضيف "جايفورد" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": إن رصد سلوك القرش قبل دخول الإنسان إلى الماء مهم في تحديد كيفية تفاعُل هذا الكائن مع البشر؛ إذ إن سباحة البشر بالقرب من أسماك القرش، خاصةً بالقرب من رأس الحيوان، قد تجعلها تُظهر هذه السلوكيات المضطربة.

 

وأظهرت دراسات سابقة وجود روابط محتملة بين انخفاض أعداد أسماك القرش، وزيادة الإقبال على السياحة المرتبطة بها في بعض المواقع السياحية.

 

وفي الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتحليل 39 مقطع فيديو لأسماك قرش الحوت في خليج لاباز بالمكسيك، لتقييم ما إذا كان سلوك سمك القرش قد تغير في وجود سبَّاح يحاكي سلوك السياحة البيئية، مقارنةً بأسماك القرش التي تسبح في عزلة، وتنوعت مقاطع الفيديو بين 20 مقطعًا تم تصويرها في وجود سباح يحاكي سلوك السياحة البيئية، و19 مقطعًا لأسماك قرش تسبح في عزلة.

 

يقول "جايفورد": حلَّقتُ بطائرة بدون طيار فوق أسماك قرش الحوت لجمع مقاطع فيديو لها وهي تسبح بمفردها وبحضور البشر، ثم استخدمت التعلم الآلي لتتبُّع أسماك القرش والبشر، وتحويل مقاطع الفيديو هذه إلى بيانات إحداثية، واستخدمت بعد ذلك الأساليب الإحصائية لمعرفة كيف تختلف سرعة حركات قرش الحوت وزاويتها في حالتي وجود البشر أو غيابهم. 

 

يرى الباحث أن نتائج الدراسة تكتسب أهميتها من تناوُلها للآثار البيئية لسياحة أسماك القرش، التي كانت غير مفهومة على نحوٍ جيد في السابق؛ إذ إن العديد من أنواع أسماك القرش مهددة بالانقراض، ورغم أن السياحة البيئية اقتُرحت بالأساس كحل لعدد من المشكلات التي تواجه أسماك القرش، إلا أن واقع الحال يكشف أنها قد تكون لها بعض العواقب البيئية السلبية، والتي تحتاج إلى مزيدٍ من التحقيق. 

 

ويؤكد المؤلفون أهمية إجراء مزيد من هذه الدراسات لفهم العواقب البيئية لأنشطة السياحة البيئية بشكل صحيح، مؤكدين أن "مثل هذه الدراسات تساعد في ضمان استمرار السياحة البيئية بطريقة آمنة وناجحة بحيث يتم حماية البشر وأسماك القرش في جميع الأوقات".

 

وردًّا على سؤال لـ"نيتشر ميدل إيست" حول معارضته للسياحة البيئية، يقول "جويل": ستظل السياحة البيئية لأسماك القرش جزءًا مهمًّا من الحفاظ على هذه الأسماك، وما نقترحه هو أن بعض الأنشطة المحددة -في شكلها الحالي- قد يكون لها عواقب بيئية سلبية على أسماك القرش، وينبغي مراجعة القواعد واللوائح بشكل متكرر، وإجراء مزيد من الدراسات حتى نتمكن من تحسين بروتوكولات السياحة البيئية الحالية لصالح الطرفين.

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.156