استشاريون علميون يتصدون لمشكلات عالمية
27 October 2024
نشرت بتاريخ 29 أغسطس 2023
عثر العلماء على أواني طهي معدنية استُخدمت في طهي الغزلان والأبقار والماعز، أُعدّت لوليمة منذ قرابة (3700-2900 قبل الميلاد).
بين البحرالأسود غربًا وبحر قزوين شرقًا تعيش شعوب القوقاز، تحدهم روسيا من الشمال وفي الجنوب تقع تركيا، موقع مميز لعِرق بشري مثير للاهتمام، ما حرّك فضول العلماء تجاه معرفة تاريخ تلك المجموعات البشرية الفريدة، فكيف كانت معيشتهم قبل خمسة آلاف عام على سبيل المثال؟
عادةً ما يستنتج علماء الآثار تاريخ مَن سبقونا وكيف كانوا يستخدمون الأدوات القديمة عن طريق السجلات المكتوبة، ولكن فيما يتعلق بعادات التغذية، كان عليهم أن يُجروا افتراضات حول ما تم تناوُله وكيفية تحضيره؛ إذ لا يوجد دليل دامغ على ذلك؛ ففي دراسة جديدة نُشرت في مجلة (iScience) في 18 أغسطس، قام العلماء بتحليل بقايا البروتين من قدور الطهي المعدنية القديمة التي استخدمها القوقازيون خلال العصر البرونزي في فترة مايكوب، أي في الفترة ما بين (3700-2900 قبل الميلاد)، وأظهرت التحليلات أن أواني الطهي هذه كان فيها طعام من الغزلان والأغنام والماعز والأبقار، وأن قدور الطهي كانت كبيرةً بما يكفي ليتضح للعلماء أن هناك وليمةً كبيرةً أو احتفالًا ما، وفق البيان الصحفي للدراسة.
تعمل الأواني الفخارية على تحلُّل بقايا الدهون والبروتينات المتعلقة بها، أما بالنسبة للأواني المعدنية فتعمل أسطحها كمضاد للبكتيريا والميكروبات، مما يجعلها تحافظ على ما علق بها من بقايا طعام عبر الزمن.
جمع الباحثون ثماني عينات متبقية من سبعة أوانٍ تم اكتشافها من مواقع الدفن في منطقة القوقاز، وعكفوا على استخراج البروتينات من الدم وأنسجة العضلات والحليب، يشير أحد هذه البروتينات إلى أن الأوعية كانت تُستخدم لطهي أنسجة الغزلان أو الأبقار (الأبقار، الياك، أو جاموس الماء)، كما استُخرجت أيضًا بروتينات من حليب الأغنام أو الماعز، مما يشير إلى أن بعض القدور استُخدم في تحضير منتجات الألبان.
يقول شيفان ويلكن -من جامعة زيورخ السويسرية- في حديثه لـ"نيتشر ميدل إيست": "أخذنا عينات صغيرة -بضعة ملليجرامات فحسب- من كل قِدر وأدخلناها إلى مختبر؛ إذ يوجد مختبر خاص للبروتينات القديمة من أجل تجنُّب أي تلوُّث"، ويتابع ويلكن: "استخرجنا بعدها البروتينات من العينات وحللناها باستخدام الكروماتوجرافيا السائلة والطيف الكتلي الثنائي الكتلة (LC-MS/MS)، وهذه تقنيات قادرة بدورها على إعطائنا تسلسل الأحماض الأمينية (المشتق من الكتلة على الشحنة لكل ببتيد وجزء من الببتيد)، والذي يمكننا مقارنته بقاعدة بيانات تحتوي على تسلسلات بروتين معروفة".
"تتميز التحليلات المستخدمة في الدراسة بقدرتها الفائقة على تحديد البروتينات الموجودة بدقة شديدة وإلى أي نوع من الكائنات الحية تنتمي، بل الجدير بالذكر أيضًا أنها تمكِّن العلماء من تحديد النوع أو الجنس، كما يمكنها أيضًا تمييز أنواع مختلفة من الأنسجة، مثل الحليب والعضلات والدم"، وفق ما صرح ويلكن.
تمكَّن العلماء من تحديد العمر المطلق للوقت الذي استُخدمت فيه هذه الأواني عن طريق الكربون المشع، وأوضحت الدراسة أن استخدام القدور تلك كان من حوالي 3520-3350 قبل الميلاد، أي أن هذه الأوعية أقدم بأكثر من 3000 عام من أي أوعية تم تحليلها من قبل.
يؤكد ويلكن أنه "من خلال التحليلات الحديثة التي تم استخدامها في الدراسة يمكن تطبيق المزيد من الأبحاث على الأوعية المعدنية، إذ يبدو أنها تُعتبر خزانات للحفظ البيولوجي الجزيئي، يمكن أن تُجرى الدراسات الأخرى على أوعية الولائم الكبيرة الأخرى، فضلًا عن الأكواب والصحون الصغيرة والفردية، لتوسعة نطاق ما نعرفه عما تناوله الناس يوميًّا، وكيفية اختلاف ذلك عبر الزمن والمكان".
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.149
تواصل معنا: