أخبار

النجم "يانوس" ذو الوجهين!

نشرت بتاريخ 19 أغسطس 2023

علماء يكتشفون قزمًا أبيض له وجهان مختلفا التركيب.. أحدهما يتكون من الهيدروجين والوجه الآخر من الهيليوم

شادي عبد الحافظ

Giuseppe Parisi Enlarge image
لطالما حظيت "الأقزام البيضاء" باهتمام العلماء بوصفها إحدى أغرب الظواهر الكونية المعروفة، و"الأقزام البيضاء" هي بقايا نجوم مثل الشمس قضت نحبها قبل ملايين -أو ربما مليارات- السنين، وتتميز بحجم صغير يبلغ في بعض الأحيان حجم القمر، ويعادل وزنها ما يساوي شمسنا بالكامل، وتتنوع ألوانها ما بين الأبيض والأصفر، ويبعد النجم نحو 1300 سنة ضوئية عن الأرض، ويدور حول محوره كل 15 دقيقة.

ويبدو أن غرابة هذه الكيانات الكونية ستزداد خلال الفترة القادمة؛ إذ اكتشف فريق بحثي دولي بقيادة علماء من "معهد كاليفورنيا للتقنية" قزمًا أبيض له وجهان مختلفان، وهو الأمر الذي لم يشهده العلماء من قبل في حالة الأقزام البيضاء، وفق "كيفن بيردج"، الباحث بقسم الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتقنية.

القزم يانوس

ووفق الدراسة التي نشرتها دورية "نيتشر" (Nature)، فإن هذا القزم الأبيض له جانب يتكون من الهيدروجين، أما الجانب الآخر فيتكون من الهيليوم، ولذلك لُقب هذا القزم الأبيض المكتشَف حديثًا بـ"يانوس"؛ تيمُّنًا بإله البوابات والمداخل والمخارج والانتقالات والطرق والممرات في الأسطورة الرومانية القديمة، الذي كان يُرمز إليه بوجهين، أحدهما ينظر إلى المستقبل، والوجه الآخر ينظر إلى الماضي.

ويبدو أن التشابه بين "النجم يانوس" و"الإله يانوس" مضى إلى ما هو أعمق؛ إذ إن بعض الأقزام البيضاء تنتقل من كون الهيدروجين هو المسيطر على سطحها إلى كون الهيليوم هو المسيطر على سطحها مع الزمن، وربما يرجع ذلك إلى أن الباحثين رصدوا هذا النجم في مرحلة انتقالية شهدت هذا النوع من التحول.

الحقول المغناطيسية

يقول "بيردج" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل ايست": ربما كان هناك احتمالٌ آخر لوجود هذه الظاهرة المدهشة، وهو أن الحقول المغناطيسية تغير طبيعة بعض العناصر على سطح النجوم، وأن هذه الحقول ليست موحدةً أو موزعةً بانتظام فوق الأقزام البيضاء.

استعان الباحثون بـ"مرصد كيك" الموجود على قمة جبل "مونا كيا" في هاواي بالولايات المتحدة الأمريكية، واستخدموا مرصد "بالومار" التابع لمعهد "كالتيك" كأداة لمسح السماء، واستخدم الباحثون -أيضًا- مقياس الطيف لتحليل الضوء الصادر من القزم الأبيض، وتبيَّن أن هناك تغيرًا مستمرًّا في طبيعة هذا الضوء بينما يدور النجم حول نفسه (مرة كل عدة دقائق)، وكشفت البيانات التالية أن هذا التغير صادر عن تحوُّل النجم في أثناء دورانه من الجانب الذي يحتوي على هيدروجين إلى الجانب الذي يحتوي على هيليوم.

يعلق "بيردج" على تلك النقطة قائلًا: يمكن معرفة طبيعة العناصر الموجودة في الغلاف الجوي للقزم الأبيض من خلال دراسة الضوء الصادر منه، لقد وجدنا أن النجم يتحول من الهيدروجين إلى الهيليوم في كل دورة.

نجم غريب منذ البداية

تم الكشف عن النجم "يانوس" للمرة الأولى في عام 2021 بواسطة "منشأة زويكي"، التي تُعَد ماسحًا فلكيًّا واسع النطاق، وتستخدم كاميرا متصلة بـ"تليسكوب صموئيل أوشين" الآلي في مرصد "بالومار"، وأُطلق عليه وقتها اسم (ZTF J1901+1458)، وفق دراسة نشرتها دورية "نيتشر".

وأثار هذا النجم انتباه العلماء بشدة حتى قبل معرفتهم بأن "لديه وجهين على سطحه"، باعتباره أصغر قزم أبيض تم اكتشافه إلى الآن بقُطر حوالي 4500 كيلومتر، أي أكبر قليلًا من حجم القمر!

وكان "يانوس" أثقل نجم من هذه الفئة بوزن أكبر قليلًا من الشمس، وقد وجد الفلكيون أنه تشكَّل عندما اندمج قزمان أبيضان أقل ثقلًا، وبعد دراسة مفصلة اقترح الفلكيون أن هذا النجم قد يكون ثقيلًا بما يكفي كي يتطور إلى "نجم نيوتروني" ثقيل للغاية ذي قُطر يصل إلى عدة عشرات من الكيلومترات فقط، والذي يتشكل عادةً عندما ينفجر نجم أكبر بكثير من شمسنا في مُسْتعِر أعظم.

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.140