رحلة باحثة بين محطات حقل دراسة التكاثفات
04 December 2024
نشرت بتاريخ 20 مارس 2017
الجيل القادم من العلماء العرب يجب توجيهه بطريقة مختلفة، وفق قول محمد بوجلال.
هناك العديد من الاختلافات بين طريقة إرشاد العلماء وتوجيههم في الدول العربية وأقرانهم في الغرب. تغطي هذه الاختلافات طيفًا واسعًا، بدءًا مما تطمح الدول لاستنباطه من بنية البحث التحتية، إلى المضامين الاجتماعية والتراث العلمي في كلا المنطقتين.
حصلت معظم دول العالم العربي على استقلالها من الاستعمار الغربي خلال النصف الثاني من القرن العشرين. بينما كانت الدول الغربية تبني قواعد أبحاثها حينذاك، كانت معظم الدول العربية تركّز على التعليم. الآن، يحاول العالم العربي اللحاق بالركب. التحديان الرئيسيان اللذان نواجههما اليوم هما تحسين التدريب العلمي وتطويره، وإشراك المزيد من النساء في مجال العلوم.
وبينما توجد اختلافات في طريقة إرشاد العالِمات والتعامل معهن في الدول الغربية، فإنها ليست بنفس الوضوح الذي تبدو عليه في العالم العربي. فمثلًا، قد تمنع المعايير الاجتماعية في بعض الدول العربية النساء العالِمات من السفر إلى الخارج وحدهن. في أماكن العمل، يحتاج الموجِّهون أحيانًا إلى توفير مناطق عامة مخصصة للنساء فقط حفاظًا على خصوصيتهن.
وهذا مجرّد مثال على أهمية فهم التقاليد المميزة للعالم العربي. قبل الشروع في التعاون مع باحثي المنطقة، يحتاج العلماء إلى معرفة هذه الاختلافات.
يحتاج العلماء الذين يسعون ليصبحوا مرشدين أكاديميين ناجحين في العالم العربي أيضًا إلى إظهار أنهم يعملون من أجل مصلحة البلدان المضيفة. ويتجلى هذا في جزء منه بالتأكد من تقديم أفضل مشورة ممكنة للطلاب.
كما يجب أن يكون توفير برامج التدريب المناسِبة للعلماء الشبان في وقت مبكر أحد الاهتمامات الأخرى للموجهين. يمكن أن يأتي التدريب على شكل دورات تدريبية مكثفة على الدقة والانضباط في البحوث والتقنيات التجريبية، ومراجعة الأدبيات، وكتابة الأطروحات البحثية، وطرق نشر وتقديم طلب الحصول على براءات الاختراع. وإذ يبدي الطلاب قدرة محدودة في اللغة الإنجليزية، يجب على الموجهين ترتيب دورات مكثفة لمساعدتهم على التحسّن.
في العالم العربي، كثيرًا ما يُحكَم على صغار الباحثين بشدة استنادًا إلى تلقيهم تدريبًا في الخارج أو لا. يجب على المشرفين الاستفادة من علاقاتهم عندما يكون ذلك ممكنًا لتزويد الطلاب بخبراتهم التي اكتسبوها في الخارج عند الضرورة، ولكن يجب أيضًا التركيز على تحدي الرأي القائل بأن العلماء يتلقون العلم في الخارج.
تميل الثقافة العربية إلى تقدير الثقة أكثر من الكفاءة. إن حيازة الثقة كمشرف من قِبل كلٍّ من طلابك ورؤسائك تُعَد عنصرًا أساسيًّا للنجاح في المهن الأكاديمية هنا، ويمكنها أن تفتح الباب أمام المزيد من الموارد.
وكما هو الحال في مناطق أخرى، قد يجد المشرفون في الدول العربية أنفسهم عرضة لضغوط الوساطة، فتفضي إلى قبول الطلبة ذوي التحصيل المتدني. وقد يؤدي رفض التعاون إلى صعوبات وقضايا إدارية. ومع ذلك، يجب أن يجد المشرفون الشجاعة لترسيب ذوي الأداء المتدني عند الضرورة- وهذا لتحقيق الصالح العام، وحفظ نزاهة الساحة الأكاديمية.
يحتاج الموجهون للعمل كقادة للبحث، ويجب أن يكون لديهم ما يكفي من الاتصالات والتشبيك محليًّا ودوليًّا ليكونوا قادرين على توجيه المرشحين الساعين وراء برامج التطوير المهني أو في حقول العمل الأخرى المنتجة. تستطيع شبكة العلاقات هذه أن تعمل كشبكة أمان لكلٍّ من المشرفين والطلاب.
بالطبع، ينبغي تفادي هذه القضايا في المراحل المبكرة. إن عملية اختيار المرشحين للدكتوراة أمر حيوي؛ إذ يجب أن يجتاز المرشحون مقابلة رسمية يقدمون خلالها أعمالهم ويلتقون أعضاء الفريق الذي سيعملون معه. يجب أن تعتمد مسؤولية اختيار المرشح على آراء الأغلبية، لا رأي رئيس المختبر فقط.
العديد من هذه المشكلات لا يختص بالعالم العربي فقط، ولكن التحدّي الخاص الذي نواجهه هو التأكد من أن نمو بنية البحوث التحتية مستمر، في أثناء تعزيز ثقافة تحترم نزاهة عملية البحث، بدءًا من الموجهين الفرادى وصولًا إلى المستوى المجتمعي.
يجب أن يُكافَأ أولئك الذين يعملون بجد ويحققون إنجازات، ويجب أن يُعطَى الطلاب مسؤوليات فردية كما يحدث في أي مكان آخر في العالم. وبمجرد أن يفرض الموجهون ثقافة علمية سليمة، ويشيع الأمر، سيقترب منهم فقط الراغبون بتحقيق الإنجازات.
الدكتور محمد بوجلال هو رئيس مرفق البحوث الأساسية ومنصة البحوث الطبية، رئيس وحدة اكتشاف الأدوية في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، جامعة الملك سعود بن عبد العزيز، وزارة الشؤون الصحية للحرس الوطني. وهو أيضًا المؤسس والرئيس الأول لجمعية الكفاءات الجزائرية ورئيس تحرير الكتابة العلمية للعالم النامي.
doi:10.1038/nmiddleeast.2017.50
تواصل معنا: