لمواكبة عصرنا الحالي: كيف قد يختلف تصميم جوائز نوبل؟
11 December 2024
نشرت بتاريخ 30 سبتمبر 2016
دراسات جديدة تحمل إمكانية ابتكار طرق أكثر فاعلية لأنظمة تحلية المياه في الخليج.
على الرغم من امتلاكها أكثر من 60٪ من منشآت تحلية المياه في العالم، فإن توافر المياه العذبة في دول مجلس التعاون الخليجي (GCC) يتراجع بسرعة إلى معدلات أقل بكثير من عتبة الأمم المتحدة للفقر المائي، والبالغة 1000 متر مكعب للفرد الواحد سنويًّا1,2 .
ويزداد الأمر تعقيدًا بسبب تسارع النمو السكاني والتنمية الصناعية. يبلغ متوسط توافر المياه العذبة في المنطقة الآن 90- 100 متر مكعب للفرد سنويًّا في المتوسط، وهو ما دفع حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى زيادة الإنفاق لمكافحة ندرة المياه وضمان استدامة مواردها للمستقبل3.
حاليًّا، تُستخدم طريقتان تقليديتان لتحلية مياه البحر: التبخير بطريقة التأثير متعدد المراحل (MED) المدفوع بالحرارة، والتناضح العكسي (RO) المدفوع بالضغط.
تستخدم عمليات التحلية الحرارية عمليات التبخير والتكثيف. تتكثف الأبخرة المتصاعدة كماء نقي، ويُخرَج المحلول الملحي عالي التركيز من الجزء السفلي من كل نظام تبخير.
تُجمع أنظمة التحلية الحرارية عادة مع محطات توليد الكهرباء لتعمل كنظام مشترك لتوليد الطاقة.
من ناحية أخرى، في عمليات التحلية بالتناضح العكسي (RO) المدفوعة بالضغط، تُمرَّر مياه البحر تحت ضغط عالٍ من خلال أغشية شبه نفاذة للتغلب على الضغط التناضحي. تسمح الأغشية بمرور المياه فقط، مخلِّفةً الأملاح المنحلّة وراءها في "تيار الطرد".
وتُستخدم عمليات التحلية الحرارية في قرابة 70٪ من طاقات التحلية المعتمَدة في دول مجلس التعاون الخليجي. فهي أكثر ملاءمة لدرجات الحرارة المرتفعة في الخليج، ولدرجة الملوحة والتعكر، إلى جانب كثرة وجود الطحالب الخطرة التي لا تتطلب معالجة مسبقة عالية التكلفة فحسب، بل إنها كثيرًا ما تسبب وجود فضلات ناجمة عن عملية التحلية المدفوعة بالضغط.
ولكن هل تتمكن أساليب التحلية الحرارية هذه من تلبية الاحتياجات المتزايدة للمياه في دول مجلس التعاون الخليجي؟
في الخليج، من المتوقع أن ترتفع طاقة التحلية من 3400 مليون متر مكعب حاليًّا إلى 7000 مليون متر مكعب في عام 2020؛ لتلبية الطلبات المترتبة على التصنيع والتنمية.
خصصت حكومات دول مجلس التعاون أكثر من 100 مليار دولار أمريكي للاستثمار في قطاعات المياه بين عامي 2011 و2016، معلنةً عن خطط لاستثمار 300 مليار دولار أمريكي أخرى في مشاريع المياه بحلول عام 2022 لتلبية الطلبات المتزايدة على المياه4.
ويترتب على ذلك، بوجود المزيج الحالي من تقنيات التحلية بالضغط والتحلية الحرارية، تضاعف الاستثمار في الطاقة أيضًا. وهذا سيؤدي إلى تضاعف انبعاثات الكربون تقريبًا بحلول عام 2020. في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، وصل المتوسط السنوي لانبعاثات الكربون حاليًّا إلى معدلات أعلى بالفعل من المتوسط العالمي البالغ 9 كيلو طن للفرد5.
إن شكلًا مستدامًا للتحلية يتطلب بذل جهود جبارة من بلدان مجلس التعاون الخليجي؛ لتتمكن من تلبية أهداف انبعاثات الكربون التي وُضعت في اجتماع COP21 في باريس في ديسمبر الماضي. وهذا سيشمل التحسين التدريجي لكفاءة عمليات تحلية مياه البحر، والبحث عن أساليب مبتكرة لإنتاج مياه صالحة للشرب بطاقة منخفضة لدول الخليج6.
تقنيات التحلية التقليدية الحرارية والتحلية بالضغط لا تتميز بكونها مستهلكًا عاليًا للطاقة فحسب، بل بكونها غير ملائمة للبيئة أيضًا. فمثلًا، تستهلك عمليات التناضح العكسي 3.5– 5 كيلو واط ساعي من الطاقة الكهربائية للمتر المكعب الواحد من الماء الناتج، في حين يمكن للتحلية الحرارية متعددة التأثيرات MED أن تستهلك أربعة أضعاف ذلك؛ نظرًا للمحدودية التشغيلية7,8,9,10.
عمدنا إلى تحليل اختيار محطة تحلية تنتج 2813 مترًا مكعبًا في الساعة (م3/ ساعة) لمجتمع كبير الحجم. ثمة خياران أمام المصمم: دورة تحلية مياه مدفوعة حراريًّا مضافة إلى محطة لإنتاج الطاقة، أو نظام مستقل مدفوع بالضغط ويشغّل بالكهرباء.
تقاس كفاءة عمليات التحلية عادة بنسبة الأداء (PR) التي تحصي عدد الكيلوجرامات المنتجة من المياه مقابل كل 2326 كيلو جول من الحرارة المستهلكة.
للتوصل إلى هذا الإنتاج المعيّن من المياه، يحتاج نظام الإنتاج الحراري التقليدي الذي تبلغ نسبة أدائه 11 إلى وارد من البخار من محطة توليد الكهرباء بمعدل 70.83 كيلو جرامًا في الثانية لإنتاج الكمية المطلوبة من المياه. ويأتي هذا البخار من توربينات الضغط المنخفض في محطات توليد الكهرباء.
ويمكننا أن نقول إنه إذا استمر هذا الوارد من البخار بالازدياد عبر التوربينات، فسيتمكن من إنتاج 28.46 ميجا واط إضافية من الكهرباء. يمكن إنتاج نفس الكمية من الماء عن طريق محطة تناضح عكسي (بقدرة 5 كيلو واط ساعي / م3) من طاقة كهربائية قدرها 15 ميجا واط فقط.
في مواجهة ذلك، في الوضع الحالي، يبدو أن التناضح العكسي مع محطة توليد الكهرباء، أكثر جدوى -من ناحية استخدام الطاقة- من نظام التحلية التقليدي الحراري متعدد التأثير (الذي تبلغ نسبة أدائه 11) المشفوع بنظام توليد مشترك لإنتاج الطاقة المطلوبة والمياه. ولكن الحال ليس كذلك.
لطالما عُزِي الأداء الضعيف لنظام التحلية متعدد التأثير إلى محدودية المراحل الأولى والأخيرة من هذه العملية. على أي حال، أدت المعلومات الحديثة الواردة من أبحاث الطرق الحرارية إلى تحسين أداء دورات الصف الجديد من الطرق الهجينة في التحلية متعددة التأثير بعدة أضعاف. فقد تغلب العلماء على هذه القيود التقليدية بإدخال عمليات الترشيح النانوي (NF) ودورات الامتزاز التي تحركها الطاقة الشمسية (AD).11,12,13,14,15,16
يزيل الترشيح النانوي الفضلات ومكونات التآكل من مياه البحر الواردة، ويعمل تكامل دورة الامتزاز الشمسي على كسر المرحلة الأخيرة من محدودية درجة الحرارة، مما يمكّن نسبة أداء الطريقة الهجينة NF-MED-AD من الوصول بكفاءة الطاقة إلى مستويات جديدة (نسبة أداء قدرها 25).
تتطلب عملية التحلية متعددة التأثير MED مصادر للحرارة عبر مختلف مراحل العملية. في المرحلة الأولى تستخدم البخار الناتج من محطات توليد الطاقة، في حين يتم تشغيلها في مرحلتها الأخيرة باستعمال مكثفات المياه المبردة التي تعتمد إلى حد كبير على ظروف موقع العملية.
نظرًا لأن درجات الحرارة في الخليج تبلغ حوالي 45 درجة مئوية خلال فصل الصيف، فإن هذا يحد من نطاق عملية التحلية متعددة التأثير إلى 70 درجة مئوية حدًّا أعلى و45 درجة مئوية حدًّا أدنى، مما يرغمنا على وضع أنظمة MED تقليدية ذات ستة إلى ثمانية مبخرات أو مراحل. ولكن المرحلة الأولى من دورة الصف الجديد الهجين NF-MED-AD يمكنها أن تعمل بدرجة حرارة تصل إلى 125 درجة مئوية، وتستطيع مرحلتها الأخيرة أن تعمل بحرارة منخفضة تصل إلى 10 درجات مئوية، مما يزيد عدد من المراحل إلى أكثر من 25.
لشرح هذا المفهوم، يجري الآن تشغيل خط تجريبي هجين MED-AD، ذي طاقة اسمية لإنتاج مياه قدرها 10 م3/ يوم، بتكليف من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST).
ومن المتوقع أن يضاعف الخط التجريبي الهجين حجم إنتاج المياه، بسبب تآزر الطاقة الحرارية لدورتين حراريتين بحيث يمكن استغلالها لأقصى طاقتها، باستخدام نفس الوارد الحراري الذي تستهلكه عملية التحلية التقليدية متعددة التأثير17,18,19,20.
يمكن تأمين الحرارة اللازمة لإعادة توليد مكثف الطاقة الشمسية من كمياتها المتاحة بوفرة في المنطقة.
بناء على نتائج الدورة الهجينة وبيانات التكلفة التي وضعتها جمعية الدولية لتحلية المياه، أجرى الباحثون تحليلًا لدورة حياة (LCA) محطة عالية الإنتاج بطاقة قدرها 100,000 متر مكعب في اليوم الواحد.
وقد وُجد أن التكلفة الإنتاجية لدورة MED-AD الهجينة تقل عن 0.5 دولار أمريكي/ للمتر المكعب، مقارنة بتكلفة الدورات التقليدية، وبخّ الماء متعدد المراحل (MSF)، والتحلية متعددة التأثير (MED)، والتناضح العكسي (RO) البالغة 1.20، 0.99 و 1.20 دولار أمريكي على التوالي21,22.
وبعبارة أخرى، تتميز دورتنا الهجينة MED-AD بأدنى تكلفة لإنتاج المياه ذُكرت على الإطلاق. هذه الدورات يمكن بسهولة تركيبها رجعيًّا على المعامل الحرارية الموجودة؛ لزيادة إنتاج المياه عدة أضعاف دون زيادة الوارد23 من الطاقة.
وهكذا، فإن لها إمكانات كبيرة لمعالجة قضايا التحلية المستدامة لمياه البحر في دول مجلس التعاون الخليجي.
انتماء المؤلفين: مركز أبحاث تحلية وإعادة استخدام المياه، جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ثول، 23955-6900، المملكة العربية السعودية، *Kim.ng@kaust.edu.sa
doi:10.1038/nmiddleeast.2016.149
تواصل معنا: