أخبار

الطواقم الطبية المستنزَفة في سوريا تناضل لإنقاذ الأرواح

نشرت بتاريخ 13 أبريل 2014

القلة الباقية من العاملين بالشؤون الصحية في سوريا تعمل وسط تحديات تعجيزية.

صوفي كزنز

أدوات جراحية مدماة في أحد مستشفيات الثوار البديلة في حلب، سوريا.
أدوات جراحية مدماة في أحد مستشفيات الثوار البديلة في حلب، سوريا.
© intrepidcamera / Alamy
تسببت الهجرة الجماعية للأطباء من سوريا في كشف الطاقم الطبي المتبقي فيها، حيث يضطر بعض عديمي الخبرة وغير المؤهلين إلى أن يجروا عمليات جراحية في ظروف لا يمكن تصورها، وفقا لتقرير جديد صادر عن مجموعة رائدة مناصرة للأطفال.

قال تقرير صادر عن منظمة أنقذوا الأطفال إن الآلاف من الأطفال كانوا يموتون، أو كانوا في خطر داهم بسبب تفشي الأمراض المزمنة -والتي يمكن توقيها- نتيجة الدمار واسع النطاق لنظام الرعاية الصحية في سوريا.

وقد فر ما يقدر بنحو 15,000 طبيب سوري منذ بدء الصراع، وهو ما يمثل نصف عدد الأطباء المعتمدين في البلد الذي كان نظامه الصحي يوصف سابقا بأنه واحد من أفضل النظم الصحية في العالم العربي.

في بعض المناطق، الخسارة حادة بشكل خاص. فوفق تقرير حديث صادر عن 'أطباء لحقوق الإنسان' عند حلول يوليو 2013، لم يكن قد تبقى في حلب سوى 250 طبيبا من أصل 6,000 ممن كانوا يمارسون الطب فيها. وكانت هذه المدينة هي الأكبر في سوريا؛ حيث كان عدد سكانها يبلغ 2.5 مليون نسمة قبل الحرب الأهلية.

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن عددهم الآن قد لا يتجاوز 36 طبيبا في حلب، وهو "أقل بشكل كارثي" من الحد الأدنى المعياري للمنظمة، الذي يبلغ 2,500 طبيب بالنسبة لعدد سكان بهذا الحجم.

وفقا للتقرير، كان 0.3٪ فقط ممن تبقى من موظفي الرعاية الصحية في المستشفيات العامة في البلاد والبالغ عددها 45، من الأطباء المؤهلين في حالات الطوارئ. واضطر الأطباء الشباب الذين بالكاد تخرجوا من كلية الطب لإجراء مئات العمليات. في إحدى الحالات، كان طبيب أسنان هو الممارس الوحيد لعلاج الأطفال.

كما أُجبر عاملو الرعاية الصحية في بعض الأحيان على بتر أطراف الأطفال الذين يعانون إصابات خطيرة؛ لافتقارهم إلى المعدات اللازمة لعلاجهم. وتعرض حديثو الولادة إلى الموت في الحاضنات بسبب انقطاع التيار الكهربائي، واختار بعض المرضى إلى أن "يتلقوا ضربة بقضبان معدنية؛ لعدم وجود التخدير".

"إن فكرة قبول أي شخص مجرد النظر في هذا الأمر يشهد على مدى تداعي النظام الصحي"، كما تقول مستي بوزويل، المديرة والمحامية الإقليمية لمنظمة 'أنقذوا الأطفال'.

"السوريون أنفسهم يبذلون جهودا بطولية لمساعدة الأطفال وسواهم من المحتاجين للرعاية الصحية، ولكن هؤلاء المتبقين هم غالبًا من غير المتخصصين في مجال الرعاية الطبية الإسعافية أو الجراحة".

وأضافت أن الوضع الصحي في سوريا قد يكون أسوأ حتى مما تشير إليه التقارير؛ نظرًا لعدم توفر بيانات دقيقة، ولمحدودية الوصول إلى بعض المناطق في البلاد.

وقال حسن عبد العزيز -مدير مجلس حلب الطبي، متحدثًا من حلب-: إنه كان يعمل في ظل ظروف رهيبة مع نقص خطير في المعدات والموظفين. "ليس لدينا سوى ثلاثة جراحي عظام يخدمون أكثر من مليون شخص، واثنين من اختصاصيي التخدير يعملان بشكل متقطع، وليس هناك مختصون بالأشعة ولا بأمراض القلب".

وقال إن سيارات الإسعاف والمعدات الطبية قد تعرضت للتدمير في كثير من الأحيان بسبب العدد المتزايد من الهجمات الجوية على المدينة. "ويصعب الحصول على الأدوية، وخصوصًا أدوية التخدير، والمواد الاستهلاكية".

وقال طبيب سوري آخر من الذين فروا من دمشق إلى الولايات المتحدة: إن إجراء الممرضين والممرضات للعمليات الجراحية كان شائعًا في المناطق التي لم يكن فيها أطباء.

وقال متحدثًا لـ"نيتشر مِدِل إيست" شرط عدم الكشف عن هويته؛ خوفًا على عائلته التي لا تزال في سوريا، عن الحادثة التي قام فيها طبيب أطفال بمساعدة امرأة حامل على وضع مولودها دون أن يكون قد تلقى أي تدريب على التوليد؛ لأنه كان الطبيب الوحيد في المنطقة: "لقد استعان بـ"يوتيوب" ليتآلف مع عملية التوليد قبل أن يبدأ".

ودعا التقرير جميع أطراف النزاع لتنفيذ قرار مجلس الأمن سريعًا؛ للسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود إلى جميع أنحاء سوريا.

doi:10.1038/nmiddleeast.2014.90