ديفيد بيكر وديميس هاسابيس وجون جامبر يحصدون جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024
09 October 2024
نشرت بتاريخ 2 أبريل 2014
منطقة الشرق الأوسط غنية بالموارد الطبيعية والبشرية، لكن العديد من بلدانها يحتاج إلى تحوُّل علمي وثقافي؛ للوصول إلى الاعتراف الدولي في مجالات التعليم، والبحوث، والإنتاجية الاقتصادية. والعديد من المؤسسات تُحدِث تأثيرًا إيجابيًّا، ما يؤجج الأمل في الوصول إلى "ربيع علوم" ناجح.
إن نتائج الانتفاضات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تكون ملتبسة، لكن ما هو واضح أن تغييرًا سياسيًّا ما يحدث في المنطقة. فالشعوب في بلدان مثل مصر وتونس لن تسمح بالعودة إلى أنظمة الحكم الاستبدادية. والقدرة على التظاهر وإسقاط الحكومات ليست هي كل ما تستطيع الشعوب فعله، فهم من الآن لن يتسامحوا في تدهور أوضاعهم الاقتصادية والتعليمية. ومن خلال وسائل الإعلام الاجتماعية والإنترنت، رأى هؤلاء الناس العالم، وتفكروا.. لماذا لم يحققوا ما حققه نظراؤهم في الصين أو في كوريا الجنوبية؟
قد يقول المحللون إن نتيجة هذه الانتفاضات ينبغي أن تكون الديمقراطية، لكن، بالقدر نفسه من الأهمية تأتي التحولات العلمية والثقافية التي لا غنى عنها من أجل التنمية والتأنق في الازدهار. دعونا نتذكر أن حركات التنوير جاءت قبيل الديمقراطية الحديثة في مسار تطور الحضارة الغربية، وكلاهما جاء قبل وضع الهيكل الحالي للحكم والنظام الاجتماعي.
لقد أهمتني هذه القضايا في الشرق الأوسط لعقود من الزمن، بصفتي الرسمية وغير الرسمية، وأقلقني كذلك أهمية هذه القضايا بالنسبة للعلم، وانعدام الرؤية فيما يتعلق بمهمة برامج المساعدات ونشر العلم في البلدان النامية.
في نوفمبر من عام 2009، طُلب مني أن أكون أول مبعوث أمريكي للعلوم إلى الشرق الأوسط، وبعد ذلك بوقت قصير بدأت المهمة الافتتاحية بزيارة مصر "الأكثر كثافة سكانية في العالم العربي، ذات الـ85 مليون نسمة، والتي يبلغ إجمالي ناتجها المحلي 6500 دولار أمريكي للفرد الواحد"، وتركيا "ذات الـ80 مليون نسمة، من الشرق أوسطيين غير المنتسبين للعرب، والتي يبلغ إجمالي ناتجها المحلي 15 ألف دولار أمريكي للفرد الواحد"، وقطر "الدولة الخليجية ذات المليوني نسمة، منهم قرابة 0.3 مليون قطري، وذات الناتج الإجمالي المحلي الذي يبلغ 100 ألف دولار أمريكي للفرد الواحد".
الشكل رقم (1) "A"، "B"، "C". يوضح مجموع السكان، وعدد السكان المتعلمين، والناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان، وكذلك إيران "ذات الكثافة السكانية المماثلة لمصر"، وكوريا الجنوبية (الدولة الشرق آسيوية ذات الناتج المحلي الإجمالي الأعلى بشكل ملحوظ من مثيله في مصر، والتي أظهرت تنمية علمية مهمة في العقود القليلة الماضية).
وخلال هذه الزيارات، انعقدت اجتماعات واسعة النطاق، شملت لقاءات مع مسؤولين حكوميين "رؤساء دول، ورؤساء وزراء، ووزراء، وبعض أعضاء البرلمان". تضمنت الزيارات كذلك لقاءات مع أعضاء من قطاع التعليم "معلمون، وطلاب، وأساتذة جامعات"، وتضمنت أيضا زيارات لمؤسسات التعليم العالي والبحوث "سواء الجامعات الخاصة أو الحكومية"، وأعضاء من القطاع الخاص "اقتصاديون، وصناعيون، وكتاب، وناشرون"، إضافة إلى بعض ممثلي وسائل الإعلام.
تعرضت هذه الزيارات إلى محنة التعليم والعلوم في المنطقة، والتي تأتي متخلفة عن المعايير الدولية. "وقد تحددت عواقب هذا التخلف بصورة واضحة في تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003، الذي صدر تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي".
تقول البيانات: إنه في الوقت الذي يصل فيه الإنفاق في مجال البحث والتطوير في كوريا الجنوبية وإسرائيل إلى 4% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، وتنفق فيه كلا البلدين 5% من قيمة ناتجها المحلي الإجمالي على التعليم "أي ما يساوي 30 ألف دولار أمريكي للفرد الواحد"، فإن مصر تنفق ما قيمته 0.4% من إجمالي ناتجها المحلي على البحث والتطوير، أي ما يساوي 6500 دولار أمريكي للفرد الواحد. (الشكل رقم 1، "B,C").
وهذا الوضع الحالي يتناقض بشكل حاد مع نظام المدارس والجامعات الذي كان في مصر حتى عام 1960، "عندما استفدت شخصيًّا من التعليم الممتاز الذي كانت مصر تتمتع به".
اليوم، تقود إسرائيل التأثير العلمي في منطقة الشرق الأوسط، حيث يحرك العلم جزءًا رئيسيًّا من ناتجها المحلي الإجمالي. وبشكل عام، تُظهِر مؤشرات النشر والاقتباس بعض التوجهات المشجعة في المنطقة على مدى العقد الماضي (الشكل 2).
ومع ذلك، فإن تأثير البحث العلمي بالعربية، والفارسية، والتركية في الشرق الأوسط لا يزال تأثيرًا باهتًا لدى مقارنته بالتاثير الإسرائيلي والغربي.
ومن الطبيعي هنا أن نتساءل: لماذا تدهور أداء علمائنا "كمجموعة" إلى ما دون المستوى، لدى مقارنتهم بزملائهم في الغرب، أو بهؤلاء الصاعدين في الشرق؟
والأسباب عديدة. منها الأمية التي تراكمت طوال عصور الاستعمار، والحكم الرديء، والحرمان من التفكير الحر على مدى نصف قرن مضى، واستمرار التدهور في التعليم الأساسي بفضل السياسات غير الفعالة في التعامل مع الكثافة الطلابية المرتفعة.
وبخلاف الأسباب التي أدت إلى الوضع الراهن، من المهم أن نتعرف على الجهود المبذولة لتغيير هذا الوضع.
يختلف النهج المتبع في التغيير باختلاف البلد. وهنا لا بد أن أذكر أربعة مراكز، يبينها الشكل رقم (3) إلى جانب توضيح موقعها الجغرافي، وهي تعمل بالفعل في البلدان التي ينتشر فيها الإسلام دينًا رئيسيًّا، وثقافةً أيضًا.
في الخليج، كنت قد عملت في مجلس إدارة مؤسسة قطر لنحو عقد من الزمان، شهدت خلال هذه الفترة مولد تجربة جديدة في مجال التعليم الجامعي، ألا وهي نقل أنظمة التعليم الجامعية من الغرب إلى الجامعات القطرية الناشئة، لتقديم أحدث المناهج التعليمية إلى طلاب المنطقة.
اليوم، وبرعاية مؤسسة قطر، هناك العديد من الجامعات ذات السمعة الطيبة، تشمل: جامعة "كارنيجي ميلون" للحصول على الشهادات العلمية في دراسة الحاسب الآلي أو في دراسة العلوم البيولوجية، وكلية "وايل كورنيل" للحصول على الشهادات العلمية في مجال الطب، وجامعة "جورج تاون" للحصول على الشهادات العلمية في مجال الشؤون الدولية أو الاقتصاد الدولي. هذه الجامعات وغيرها تمنح شهادات علمية في الدوحة، لكنها شهادات ممهورة بالشعارات المؤسسية المميزة لفروع هذه الجامعات في بيتسبرج، ونيويورك، وواشنطن.
هذه التجربة مكلفة جدًّا بالنسبة لدولة قطر، لكنها نجحت في تحقيق الهدف المنشود من ورائها؛ حيث جلبت ثقافة جديدة للتعليم في قطر وفي الدول المجاورة لها، وحدَّدت لهذه الدول معايير جديدة في مجال التعليم العالي.
في الوقت الراهن، تخدم هذه المؤسسات عددًا قليلاً نسبيًّا من السكان. لكن مع مرور الوقت، تتاح فرصة الدراسة في هذه الجامعات لعدد أكبر من الطلاب، حيث مُنحت مؤسسة قطر الأراضي والأموال بالفعل.
وعلى مستوى الدراسات العليا، فإن مؤسستين اثنتين في كل من تركيا والمملكة العربية السعودية يوفران هيكلا دراسيا مختلفا، وربما يحدثان تأثيرًا علميًّا من خلال وسائل مختلفة:
[المؤسسة الأولى]: بيلكنت، أو مدينة العلوم، هي أول جامعة خاصة في تركيا. باعتبارها مؤسسة تبلغ من العمر ثلاثين عاما، تمكنت هذه الجامعة من إرساء مكانتها كجامعة رائدة في مجال التعليم الجامعي وأبحاث الدراسات العليا، وقد تم تصنيفها كواحدة من أفضل المؤسسات التعليمية في منطقة أوراسيا.
أثناء زيارتي لـ"بيلكنت"، أبهرني المستوى العالمي لذلك العدد الكبير من أعضاء هيئة التدريس، وكذلك الإصرار على تحقيق أعلى مستوى علمي. تركيا لديها الموارد البشرية اللازمة، و"بيلكنت" قادرة على اجتذاب أفضل الطلبة وأعضاء هيئة التدريس.
[المؤسسة الثانية]: جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST) في المملكة العربية السعودية هي مؤسسة أخرى في المنطقة، تركز على البحث والتنمية.
وتقدم "Nature Materials" حوارًا مع نائب رئيس الجامعة "جان فريتشيت"، يعرض من خلاله وجهة نظر إدارة الجامعة، وما ينتظر تحقيقه في المستقبل.
أكثر من عشرة مليارات دولار أمريكي تم تخصيصها لهذا المشروع السعودي، ومعظم الموظفين والعاملين في الإدارة تم إحضارهم من خارج المملكة. وبالتأكيد، سيكون هناك نتائج بحثية لهذه الجامعة خلال السنوات المقبلة في العديد من المجالات المهمة والمتنوعة، والتي ستقدم كثيرًا من الفرص الجديدة.
التحدي الحقيقي الآن، هو كيفية نشر هذه الثقافة الجديدة للعلوم في جميع أنحاء المملكة، خارج مباني جامعة الملك عبد الله، وكيفية جعلها جذابة بما فيه الكفاية للمواطنين السعوديين؛ من أجل ضمان الاستمرارية والاستدامة.
أما مصر، فقد اتخذت مسارًا مختلفًا، وهو مسار خططتُ له شخصيًّا لأكثر من عقد من الزمان.
الفكرة المبدئية للمشروع تم طرحها في عام 1999 على رئيس الجمهورية، ولكن لأسباب سياسية، توقف التنفيذ. وبعد ثورة يناير 2011، أعيد إحياء المشروع، وصدر مرسوم من الحكومة المصرية بتأسيسه كمشروع وطني للنهضة العلمية، تحت اسم "مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا". وقد تم افتتاح المدينة في نوفمبر من عام 2011، في حرم جامعي يقع على مشارف القاهرة. وهو مشروع فريد من نوعه في العديد من النواحي. أولا: إنها المرة الأولى في مصر التي يتم فيها تمويل مدينة علمية من التبرعات، سواء الشعبية أو الحكومية. ثانيا: المدينة لها قوانينها الخاصة، التي تم اعتمادها في عام 2012، والتي تسمح بإدارة مستقلة من جانب مجلس الأمناء الذي يضم خمسة من الحائزين على جائزة نوبل. ثالثا: تضم المدينة ثلاثة هياكل تفاعلية، هي الجامعة، ومعاهد الأبحاث، وهرم التكنولوجيا. صممت جميعها من أجل إتاحة تعليم جامعي ذي مستوى عالمي، وبحث علمي ذي تأثير في مجال الصناعة. والهدف هو بناء قاعدة علوم حديثة مع قطاع صناعي متقدم، والأهم من ذلك، الحد من هجرة العقول المتخصصة في المجالات المتقدمة، سواء في العلوم أو في الهندسة.
الهدف الرئيسي للجامعة هو جذب الطلاب الموهوبين من جميع أنحاء البلاد، وتوفير المناهج الأكاديمية المتميزة لهم، والتي صممت خصيصا لتقديم المعرفة في المجالات المتطورة للعلوم والهندسة. والفكرة الجديدة هنا، هو الخروج عن الأقسام التقليدية التي تفصل بين التخصصات المختلفة، ليحل بدلا منها نظام جديد يتيح لجميع الطلاب فرصة التعليم متعدد التخصصات.
هذا العام، تقدم ستة آلاف طالب للدراسة في الجامعة، تم قبول 300 منهم، بنسبة 5%، وهو معدل القبول نفسه الموجود في جامعتي "هارفارد" و"ييل".
أما القسم الثاني من المدينة، وهو المعاهد البحثية، فهي تستضيف طليعة البحوث في مجالات العلوم والهندسة. وتعطى الأولوية للبحوث وثيقة الصلة بالاحتياجات المحلية. يتسع نطاق هذه البحوث ليشمل العلوم الطبية الحيوية "المهمة للتخفيف من حدة الأمراض في المنطقة"، وكذلك مجالات البحث والتطوير في موضوعات مثل الطاقة الشمسية "بوصفها مصدرًا بديلاً للطاقة، موجودًا بوفرة في مصر".
في الوقت الحاضر، لدينا سبعة مراكز للبحوث في مجالات: الفيزياء الأساسية، وعلوم المواد، وتكنولوجيا النانو، والتصوير، والعلوم الطبية الحيوية، وغيرها.
أما القسم الثالث والأخير في المدينة، فهو هرم التكنولوجيا، الذي يهدف إلى نقل نتائج البحث من معاهد البحوث إلى التطبيقات الصناعية، عن طريق حاضنات الأعمال أو الشركات المنبثقة عن مشاريع بحثية، وبالتالي جذب الشركات الدولية الكبرى. وهذه المراكز البحثية المتميزة لديها القدرة على نقل العلوم الحديثة وثقافة التعلم.
ومع ذلك، فإن تغييرات ثورية عديدة لا بد أن تحدث في تلك الدول الغنية بالعنصر البشري، الفقيرة في أنظمة الحكم، والتي تنتشر بها الأمية.
أولا: من المهم جدا القضاء على الأمية، وبناء موارد بشرية مع مشاركة المرأة في القوة العاملة. كما يجب إحلال نظام تعليم جديد قائم على الجدارة، يهدف إلى تشجيع التفكير الحر الخلاق، محل نظام التعليم الحالي، الذي يعتمد على التلقين وكم المعلومات بدلا من نوعية المعلومات.
ثانيا: لا بد من إصلاح الدستور بما يسمح بحرية الفكر، وحماية البحث العلمي من التدخلات السياسية والدينية. أيضًا يجب أن ينص الدستور على زيادة المخصصات الحكومية للبحث والتطوير، لتكون بنسبة 1% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك الحد من البيروقراطية من خلال إصلاح القوانين واللوائح المعرقِلة.
ثالثا: الإصلاح الثقافي. وربما كان هو العنصر الأكثر صعوبة؛ فبعد عقود من الحكم الرديء والصراعات الدينية، ثمة حاجة ماسة لإحداث تغيير في التفكير، من التعصب إلى التسامح مع الآخرين ومع آرائهم المختلفة، أو ببساطة.. فهم فضائل التعددية.
ودون نظام تعليمي صحي ومراكز استنارة متميزة، فإن الأمل في إحداث مثل هذه التغييرات يخفت؛ بفضل استخدام المناورات السياسية، والعراقيل الدينية.
كانت مصر -ولا تزال- هي الرائدة في العالم العربي، وثورتها القادمة في التعليم والثقافة ستحدث تغييرات كبرى في سائر البلدان العربية. وعلى الرغم من تراجع دور مصر القيادي على مدى العقود الثلاثة الماضية في أثناء حكم مبارك، إلا أنها لا تزال تمتلك التاريخ والأساس، ناهيك عن الثروة السكانية والمؤسسات، لاستعادة قوتها الريادية والقيام بالتغييرات اللازمة.
مصر هي الرائدة في الحكم الديمقراطي في المنطقة من خلال الانتخابات البرلمانية، وهو الاستحقاق الذي تكافح البلاد لمواصلته حاليا.
منذ أكثر من قرن مضى، برزت في مصر العديد من الصناعات، بما في ذلك الخدمات المصرفية، ووسائل الإعلام الجماهيرية "مثل صحيفة الأهرام المعروفة"، والمنسوجات، والأفلام السينمائية، وغيرها من الصناعات. ومع هذه الإنجازات، احتلت مصر في ذلك الوقت مكانة متقدمة أمام دول مثل كوريا الجنوبية واليابان في مجالات الإدارة والتعليم والمجالات ذات الصلة.
واليوم.. مصر هي موطن جامعة الأزهر "الجامعة الأقدم من أكسفورد وكامبريدج"، كما أنها موطن جامعة القاهرة "مركز التنوير، لا في مصر فحسب، ولكن في العالم العربي كله"، وبالتالي فإن إمكانية التغيير وإعادة البناء حقيقية، وليست مجرد كلام.
وبامتلاكه كل هذه الموارد، فإن الشرق الأوسط ليس أقل قدرة على التنمية من دول جنوب شرق آسيا؛ فرأس المال البشري متوفر، إضافة إلى أن جزءًا كبيرًا من السكان هم من الشباب "ما يقرب من 70٪ من السكان تقل أعمارهم عن 30 سنة"، كما أن المنطقة غنية أيضا بالموارد الطبيعية، وتتمتع بمناخ معتدل، ويميل سكانها "ثقافيا" نحو الضيافة والتجارة.
ووفقا لتقرير التنمية البشرية العربية لعام 2003، فإن المنطقة لديها أزمات في مسألة الحرية، والمعرفة، والمساواة بين الجنسين، وهو ما يمكن علاجه من خلال التعليم، وإصلاحات الحكم، على النحو المبين أعلاه.
إصلاحات التعليم والبحوث لا بد أن تتجاوز سياسات الترقيع الفاشلة التي مورست على مدار السنوات الماضية، بل يجب رعاية التفكير الإبداعي والابتكار، وكذلك تشجيع الفضول البشري الذي يغذي الرغبة في البحث والدراسة.
وعلاوة على ذلك، لا بد من غرس مفهوم المواطنة، وهو ما لن يتحقق دون تقدير قيمة المناقشات الحرة، والعمل بروح الفريق، واحترام التعددية.
إن الصحوة العربية هي حقيقة واقعة، لكن الصراعات السياسية في المنطقة تحد من إمكاناتها. وهنا أيضا، فإن التعليم والعلم يمكن أن يؤديا دورا رئيسيا في الجهود الدبلوماسية والتعجيل بعملية السلام.
ففور أن يتمكن العرب من تحقيق إنجازات علمية من خلال عمليات تحول تعليمية وثقافية، وعندما تدرك بلدان "مثل إسرائيل" إمكانية تحقيق مثل هذه الإنجازات، فإن حوارا ديبلوماسيا أكثر عقلانية وجدية سيبدأ لإقرار سلام عادل وشامل، من شأنه أن يحول طاقة المنطقة بأسرها نحو التنمية البشرية والاقتصادية.
والأمل الآن.. هو أن تتمكن الصحوة السياسية، الموجودة بالفعل في المنطقة، من دعم "ربيع علوم" ناجح، يجتاح الشرق الأوسط؛ ليمكنه من بناء مجتمع المعرفة.
إن مفهوم الحصول على المعرفة هو جزء رئيسي من نسيج الإسلام، وقد كان نقطة الانطلاق لنجاح امبراطوريته في العصور التي ساد فيها. ولاستعادة تلك المكانة البارزة في عالم اليوم، يجب أن يعود هذا المفهوم إلى الظهور؛ لنمتلك الثقافة التي من شأنها أن تمدنا بالوسائل اللازمة لرسم مستقبل جديد، وواعد.
doi:10.1038/nmiddleeast.2014.88
تواصل معنا: