مقالات

Read this in English

رقمنة 1000 عام من تاريخ الخليج

نشرت بتاريخ 25 نوفمبر 2014

مكتبة قطر الرقمية تفتح التاريخ الثري لمنطقة الخليج أمام الجمهور.

نادين السيد

كتاب التفهيم لأوائل صناعة التنجيم، لأبي الريحان محمد بن أحمد البيروني 
كتاب التفهيم لأوائل صناعة التنجيم، لأبي الريحان محمد بن أحمد البيروني 
© British Library / Qatar Digital Library

فتحت مكتبة قطر الرقمية نافذة واسعة على عشرة قرون من تاريخ منطقة الخليج. المشروع الرقمي الجديد الذي بلغت تكلفته 13.9 مليون دولار يتيح الاطلاع المجاني عبر الإنترنت على 500,000 وثيقة تاريخية من المنطقة، ومن بينها بعض المخطوطات التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع.

في السابق كان عدد كبير من الوثائق النادرة والثمينة متاحًا فقط للباحثين الذين زاروا بالفعل المكتبة البريطانية لتصفح المحفوظات التي أضحت بحاجة إلى إعادة التنظيم.

المكتبة الرقمية ثنائية اللغة هي أولى نتائج خطة التعاون التي ستستمر عشر سنوات بين المكتبة البريطانية ومؤسسة قطر ومكتبة قطر الوطنية. ويأتي نحو 475,000  من الأبحاث الرقمية من مجموعة المكتبة البريطانية من سجلات مكتب الهند، و25,000  من مخطوطات القرون الوسطى العربية، وهي تشمل محفوظات وخرائط ومخطوطات وبطاقات بريدية ورسومًا توضيحية وصورًا فوتوغرافية.

وقد قامت المكتبة البريطانية بتجميع هذه المواد على مدى سنوات عديدة. "بعضها كان تبرعًا، وجرى شراء بعضها من مجموعات خاصة، وجُمع بعضها بوصفه جزءًا من السجل البريطاني في ذلك الوقت"، كما يقول ريتشارد جيبي، رئيس الشراكة بين المؤسسة البريطانية ومكتبة قطر.

منذ إنشائها في عام 2012، تمكن الفريق الذي يقف خلف مكتبة قطر الرقمية من رقمنة ما بين 25% و30% من الوثائق حتى الآن، وهي الآن متاحة على شبكة الإنترنت. ويقدّر جيبي أن مجموعة المواد الكاملة سيجري تحميلها على شبكة الإنترنت في نهاية العام.

تسلط المجموعة الضوء على تأثير العلماء المسلمين في العلوم والطب والهندسة والفلك والرياضيات. واحدة من المخطوطات مثلاً، تتضمن تقويمًا ميكانيكيًّا يُحمل باليد، وضعه عالم الرياضيات الفارسي أبو الريحان البيروني، الذي وُلد عام 973. وكان عدد كبير من المجلدات عبارة عن ترجمات عربية لنصوص سابقة ما كانت لتبقى موجودة لولا ذلك، مثل ’أصول إقليدس‘، أو ’كتاب المعطيات‘، الذي ترجمه إساحق بن حنين إلى العربية في القرن العاشر.

انضمام مؤسسة قطر إلى المشروع جزء من جهودها الرامية إلى الحفاظ على التراث الإسلامي وتثقيف الناس حول بلدهم والمنطقة، وفقًا لسعدي السعيد، المدير المشارك للشؤون الإدارية والتخطيط في مكتبة قطر الوطنية. "بتوفير المعرفة للناس، أنت تدعم الحركة نحو ثقافة واقتصاد قائمين على المعرفة".

ولكن المكتبة لا تستهدف الوصول إلى الجمهور العام فحسب، بل إلى الطلاب والباحثين أيضًا.

المواد 

يرجع تاريخ الـ475,000 صفحة المجموعة إلى فترة الإدارة الاستعمارية البريطانية لمنطقة الخليج، التي امتدت من منتصف القرن التاسع عشر حتى عام 1951.

ويوضح جيبي أن معظم المواد تأتي من دول الخليج، التي تشمل قطر والبحرين والكويت والعراق وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لكن هناك قطعًا من مصر ودول أخرى من الشرق الأوسط، بالإضافة إلى بريطانيا والهند.

وتشمل هذه مجموعة متنوعة من الخرائط والمنشورات، ومجموعة غنية من ترجمات العلماء العرب للنصوص الكلاسيكية اليونانية والفارسية والسنسكريتية مختلفة الموضوعات، ومن ضمنها نصوص في علم الفلك والطب.

"بعض الوثائق مثير للاهتمام نظرًا لقيمته التاريخية، وبعضها الآخر لأنه يقدم نظرة لما كانت عليه الحياة والثقافة قبل 200 عام"، وفق قول جيبي.

كانت بعض الاكتشافات مفاجئة حتى بالنسبة لفريق المكتبة البريطانية. وكان أحدها قطعة دعائية استعمارية بريطانية مدوّنة على خلفية ملصق توثيق حسابات مالية للبحرين في أثناء الحرب العالمية الثانية. وبقي الملصق دون أن يلاحظه أحد مدةَ 70 عامًا حتى وقت إعداده للرقمنة.

على الرغم من أن مؤسسة قطر هي الممولة للمشروع، إلا أن المكتبة البريطانية هي المسؤولة عن رقمنة المواد وأرشفتها، إضافة إلى تقديم النصوص ووضعها في سياق المواد المميّزة على الموقع.

"لدينا فريق من الخبراء في تاريخ المنطقة باللغة العربية، وفي المحفوظات، وفي تاريخ الخليج والخرائط والتاريخ الشفهي والأصوات والموسيقى"، يوضح جيبي. يشرح هؤلاء المسؤولون عن الموضوعات الظروفَ الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي كُتبت الوثائق فيها؛ لتزويد القارئ العادي بفهم أفضل للمادة.

وعند استكمال مرحلة الرقمنة، ستستضيف قطر المواد على مخدّماتها الخاصة، وستكون مسؤولة عن تطوير الموقع وصيانته فيما بعد.

لدولة قطر بعض التاريخ في التحكم بوسائل الإعلام، وفقًا لكل من لجنة حماية الصحفيين، ومنظمة ’مراسلون بلا حدود‘ ومبادرة الشبكة المفتوحة. ولكن جيبي متفائل بشأن إتاحة الوصول والشفافية. يقول جيبي: "منذ البداية، كانت هناك نقاشات ووعود من الجانبين، ولا يعترينا أي قلق حيال ذلك"، ويضيف: "لم تكن ثمة محاولات للقيام بذلك".

ستواصل مؤسسة قطر ومكتبة قطر الوطنية العمل أيضًا على زيادة محتوياتها في المستقبل. "ستأتي الشراكات الجديدة في المستقبل عبر هذه البوابة"، وفق قول السعيد، الذي يضيف: "والهدف هو التقديم المجاني لمجموعة واسعة من المصادر المختلفة إلى أي شخص في العالم".

doi:10.1038/nmiddleeast.2014.272