أخبار

Read this in English

لماذا تَنفَق السلاحف البحرية في بحيرة البردويل

نشرت بتاريخ 22 أبريل 2014

وجدت بعثة لتقصي الحقائق نظرت في مجموعة من الوفيات بين أنواع مهمة من السلاحف البحرية في مصر أن ممارسات الصيد والصيادين كانت أهم الأسباب المؤدية إلى نفوق السلاحف.

لويز سارانت

عُثر على مثات السلاحف النافقة في مراحل مختلفة من التحلل، مما يشير إلى أن قتلها امتد
عُثر على مثات السلاحف النافقة في مراحل مختلفة من التحلل، مما يشير إلى أن قتلها امتد
© Noor Noor/NCE
أشارت التقارير إلى ارتفاع معدل نفوق السلاحف البحرية في أكتوبر 2012، بعد العثور على ما يقرب من مائة جثة لها على شواطئ بحيرة البردويل بشمال سيناء، وهو موقع مدرج في قائمة رامسار للأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية.

قامت البعثة -التي تشكلت من ممثلين للجمعية المصرية لحماية الطبيعة (NCE)، وجمعية البحر المتوسط لإنقاذ السلاحف البحرية (MEDASSET) وجامعة السويس في مصر- بجمع العيّنات، كما أجرت مقابلات مع الصيادين، ووضعت الآن النتائج التي توصلت إليها.

خلال عمليات المسح الأولية؛ أدرك الخبراء أن حالات النفوق لم تنجم عن حادثة واحدة، فبعض الجثث بدت متحللّة منذ عدة أشهر. "ومع ذلك، فقد نفقت 16 من هذه السلاحف في شهر واحد فقط، وهذا ما يدعو إلى القلق"، حسب كوستيس جريمانيس، مدير MEDASSET.

"كانت بعض الجثث متحللة لدرجة لم نتتمكن معها من تحديد جنس السلحفاة البحرية أو الفصيلة التي تنتمي إليها"، وفقًا لممثّل MEDASSET في مصر، محمد ندا.

من بين جميع الأنواع الخمسة للسلاحف البحرية الموجودة في محيطات العالم، تتردد ثلاثة أنواع منها على شواطئ البحر المتوسط المصرية بحثًا عن الغذاء ولقضاء فصل الشتاء. السلحفاة الأكثر وجودًا على هذا الشاطئ هي السلحفاة ضخمة الرأس (Caretta caretta)، تليها السلحفاة الخضراء (Chelonia mydas)، والسلحفاة جلدية الظهر (Dermochelys coriacea)، وهذه الأخيرة مجرد زائر عابر أحيانًا.

من بين 96 سلحفاة بحرية نافقة عُثر عليها، يمكن التعرف بوضوح على 74 منها فقط من خلال الأدلة الفوتوغرافية. "معظم السلاحف النافقة كانت من نوع السلاحف ضخمة الرأس، وواحدة كانت سلحفاة خضراء، وأخرى جلدية الظهر"، يوضح نور نور، المدير التنفيذي للجمعية المصرية لحماية الطبيعة، الذي شارك في المسح الميداني للبحيرة.

"كانت أربع سلاحف مقطوعات الرأس، ونفقت واحدة بسبب ضرب رأسها الناجمة بأداة كليلة"... يوضح ندا.

لقد رأينا بأم العين صيادًا يجلب سلحفاة بحرية إلى الشاطئ ويقطع رأسها.

بسبب قيود الميزانية، تمكّن الفريق، سيرًا على الأقدام، من استكشاف 20٪ فقط من شواطئ البحيرة في أثناء زيارتهم التي استمرت يومين، ولم يتمكنوا من فحص قاع البحيرة.

في غياب فحص الجثث واختبارات السُّمِّية، لم يتمكن الباحثون من الجزم بسبب نفوق السلاحف في بحيرة البردويل، ولكنهم يؤكدون أن الصيادين كانوا مسؤولين بشكل أساسي عن نفوقها. فهذه المخلوقات البحرية، التي كانت موجودة في البحيرة عالية الملوحة لأقل من خمس سنوات، كانت تنافس الصيادين على الأسماك، وكثيرًا ما كانت تصطدم مع قوارب الصيد وتمزق الشباك باهظة الثمن. "لقد رأينا بأم العين صيادًا يجلب سلحفاة بحرية إلى الشاطئ ويقطع رأسها"، وفقًا لقول نور.

أصبحت بحيرة البردويل جاذبًا للسلاحف البحرية لتمضية فصل الشتاء، كما يقول ندا.

قلّلت ممارسات الصيد الأكثر حداثة -مثل مسح القاع- من عدد الأسماك الأساسية في البحيرة؛ لأن شبكات الصيد الناعمة تلتقط الأسماك الكبيرة وتلك الصغيرة على حدّ سواء. "بموجب القانون، يُحظَر على الصيادين استخدام الشبكات ذات الفتحات التي تقل عن 40 مليمترًا. في بحيرة البردويل، يستعمل الصيادون شباكًا تقل فتحاتها عن 8 مليمترات"... يشرح ندا.

وقد أدى انخفاض عدد أسماك القاع -بجانب ارتفاع ملوحة المياه- إلى اجتذاب الجمبري وسرطان البحر؛ الغذاء المفضّل للسلاحف البحرية.

من أجل تجميع الأسماك والقشريات في مناطق معينة من البحيرة، يلجأ بعض الصيادين إلى إلقاء الإطارات وغيرها من الأجسام الكبيرة في الماء؛ لتأمين نوع من المأوى لها. ولكن السلاحف أيضًا تتجه إلى هذه الملاجئ لتتغذى على هذه المخلوقات، مما يثير غضب الصيادين. "قال لنا بعض الصيادين إن بعض الصيادين الآخرين يعمدون إلى تسميم الأسماك الصغيرة؛ لكي تؤدي –بالتالي- إلى قتل السلاحف التي ستتغذى عليها، على الرغم من أنه لن يعترف أحد ممن قابلناهم بمثل هذه الممارسات"، يقول ندا.

يسلط التقرير أيضًا الضوء على فشل السلاحف في الطفو بعد اصطدامها بزوارق الصيد، الأمر الذي يؤدي إلى عدم قدرة السلحفاة على الغطس في الماء. قد تكون بحيرة البردويل عالية الملوحة، إلى جانب درجات حرارة المياه شديدة الارتفاع في الصيف، مما قد يخلق ظروفًا لا تطاق بالنسبة للسلاحف.

هذه البحيرة واحدة من الأماكن المائية الأقل تلوثًا في البلاد، لذا يتفق الخبراء على أن تلوثها يبدو أمرًا غير مرجح كسبب رئيسي للنفوق، "على الرغم من أننا لا نتجاهل تمامًا موضوع ابتلاع الفضلات"، حسب ندا.

"إن ارتفاع معدّل نفوق السلاحف البحرية والصراع على مصايد الأسماك يُعَدُّ مؤشرا على أن هناك مكانًا واسعًا للتحسّن في مجال حفظ هذا الموقع الوارد ذكره في رامسار وإدارته"، يقول مجدي علواني، من قسم البيولوجيا البحرية في جامعة قناة السويس.

ويدعو ندا إلى إنشاء لجنة وطنية لمراجعة المشكلات التي يواجهها صيادو البردويل، ويوصي بإعلان البحيرة منطقة بحرية محمية. ويستنتج قائلاً: "إننا بالطبع بحاجة إلى التفكير بطريقة مستدامة وإشراك الصيادين في هذه العملية، وهو ما يعني مساعدتهم على تطوير مصدرٍ ثانٍ للدخل بخلاف الصيد".

doi:10.1038/nmiddleeast.2014.100