أخبار

الخوف من المقنَّعين.. هل يلازم الأطفال بعد انتهاء إغلاق كوفيد-19؟

نشرت بتاريخ 30 مارس 2024

عاق ارتداء الأقنعة الطبية التواصل بين الأطفال وأقرانهم.. وحدَّ من قدرة بعض الأطفال على فهم تعبيرات الوجه وتعلُّمها

علياء أبوشهبة

أغلب الحالات التي يتخوف فيها الأطفال من الأقنعة الطبية تكون مؤقتة
أغلب الحالات التي يتخوف فيها الأطفال من الأقنعة الطبية تكون مؤقتة

ArtistGNDphotography/ E+/ Getty Images

Enlarge image

في بداية عام 2020 علمت وئام يوسف بحملها، وهو ما تابعته باهتمام منذ اللحظة الأولى، وفي شهر مارس من العام ذاته أعلن الإغلاق التام نتيجة الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كوفيد 19.

ومع وضعها حملَها في شهر سبتمبر، التزمت "وئام" باتباع الإجراءات الاحترازية خوفًا على وليدها "فارس"، الذي نشأ ليجد أبويه يرتديان الأقنعة الطبية عند الخروج من المنزل أو حضور أي شخص غريب للبيت، ما جعله يشعر بالهلع كلما شاهد عددًا كبيرًا من الناس تغطي وجوههم الأقنعة الطبية، وسرعان ما يهدأ إذا أزيل هذا القناع.

ومع الزوال التدريجي للإجراءات الاحترازية، ازداد شعور "فارس" بالارتياح، لكنه يشعر بالتوتر والانزعاج الشديد كلما ذهب إلى طبيب الأطفال الذي يعالجه؛ لتمسُّكه بارتداء كل مَن يتردد على عيادته للقناع الطبي.

وفي السياق، رجحت دراسة نشرتها دورية "بيوإنفورميشن(Bioinformation) " -بمشاركة باحثين من اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻜﻮﺳﺘﺎرﻳﻜﻲ ﻟﻸﺑﺤﺎث اﻟﺴﺮﻳﺮﻳﺔ وﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﻤﺒﻜﺮ، وﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﻮﺳﻄﻦ الأمريكية ﻟﻸﻃﻔﺎل- أن ﻳﻜﻮن ﻟﺠﺎﺋﺤﺔ كوفيد 19 ﺗﺄﺛﻴﺮ على ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻤﻬﺎرات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ لدى الأطفال.

ووفق الدراسة، فإن تأثُّر تطور المهارات الاجتماعية والعاطفية لدى الأطفال ربما نتج عن عدة ﻋﻮاﻣﻞ، منها ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﻏﻼق اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ الناتجة عن التباعُد الاجتماعي، فضلًا عن أن التواصل بين الأطفال وأقرانهم كان مقيدًا، علاوةً على الارتداء الإلزامي للقناع الطبي، ما عاق قدرة الأطفال على فهم تعبيرات الوجه والإشارات غير اللفظية وتعلُّمها.

لكن الدراسة تشير في الوقت ذاته إلى أن "مسببات تأخر النمو عادةً ما تكون متعددة العوامل؛ إذ تشمل عوامل وراثية وبيئية ونفسية واجتماعية".

وتضيف الدراسة أن "الذكاء العاطفي يعتبر أحد الأساليب التداخلية الفعالة المتبعة لدعم تعافي الأطفال المصابين بتأخر النمو".

وتشير دراسة سابقة إلى أنه "قبل جائحة كوفيد 19، ﻛﺎن 43%ﻣﻦ الأطفال دون سن الـ5 سنوات معرضين لخطر تأخر النمو"، وتُظهر اﻷدﻟﺔ أن هذه اﻟﻨﺴﺒﺔ زادت عقب اﻟجائحة، كما أن التدخل المبكر قد يسهم في حل مشكلات التواصل الاجتماعي والعاطفي لدى الأطفال.

في حين تذهب دراسة أخرى إلى أنه "بسبب إجراءات الإغلاق، من المحتمل أن يكون الأطفال في عصر كوفيد-19 قد رأوا عددًا أقل من الوجوه غير المقنَّعة التي تتحدث إليهم، ونظرًا إلى أن الأطفال قضوا معظم فترات الإغلاق في حيهم المنزلي المألوف، فقد كانوا أقل تعرضًا لمواجهة عناصر جديدة مثيرة للاهتمام".

وردًّا على سؤال لـ"نيتشر ميدل إيست" حول إلى أي مدى من المحتمل أن يؤثر ارتداء الأقنعة في أثناء الجائحة على تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية والتواصلية عند الأطفال، تقول "سوزان بيرن"، استشاري طب أعصاب الأطفال: ليس من الممكن أن نقول هذا بعد، لقد أجرينا دراسةً تبحث في المكان الذي يركز فيه الأطفال انتباههم على البالغين المقنَّعين وغير المقنَّعين.

تضيف "بيرن": وجدنا أن لدى الأطفال اهتمامًا أقل بالفم والوجه بشكل عام عند البالغين الملثمين، فالفم مهم جدًّا لاكتساب اللغة في عمر 18 شهرًا، ونحن بحاجة إلى إجراء الدراسة نفسها على مجموعة من الأطفال بعد الجائحة لمعرفة ما إذا كان هذا تأثيرًا "وبائيًّا" مكتسبًا أو ما إذا كان جميع الأطفال يفضلون العيون عند النظر إلى البالغين المقنَّعين بغض النظر عن تاريخ ولادتهم.

تقول ولاء حسني -استشاري الطب النفسي وطب نفس الأطفال والمراهقين- إنها خلال عملها في السنوات الماضية استقبلت –وما زالت تستقبل- حالات لأطفال لديهم هذه المخاوف من الأقنعة الطبية.

تضيف "حسني" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": أغلب الحالات التي يتخوف فيها الأطفال من الأقنعة الطبية تكون مؤقتة، أما في حالة استمرار المخاوف أو إذا كانت درجة شدتها كبيرة، فإن هذا يكون مؤشرًا على وجود مشكلة قد تصل إلى الاضطراب، ما يتطلب العلاج مع متخصص في الطب النفسي.

وتنصح "حسني" الآباء بمساعدة أطفالهم من خلال سرد قصص تشرح للطفل أهمية الأقنعة الطبية، وتشبيه الأمر بالأبطال الخارقين الذين يحاربون المرض عبر استخدام الأقنعة، علاوةً على ارتداء الوالدين للأقنعة الطبية أمام الطفل وعدم الشكوى منها.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.107