أخبار

كيف تقتنص وظيفة بمجال العلوم في اقتصاد متعثر؟

نشرت بتاريخ 28 ديسمبر 2023

نصائح من خبراء التوظيف لإبراز مميزاتك عند خوض معركة البحث عن عمل.

رايتشيل كرويل

يجد الباحثون العلميون صعوبة متزايدة في الحصول على فرص عمل، إلا أنه ثمة طرق بإمكانها تعظيم فرص النجاح عند التقدم لشغل الوظائف.
يجد الباحثون العلميون صعوبة متزايدة في الحصول على فرص عمل، إلا أنه ثمة طرق بإمكانها تعظيم فرص النجاح عند التقدم لشغل الوظائف.
حقوق نشر الصورة: Patrick T. Fallon/Bloomberg via Getty

في الأوضاع الاقتصادية الصعبة، حيث يشتد التنافس على عدد محدود من الوظائف، تضعف فرص الباحثين العلميين في الحصول على عمل. وقد برهن أول استطلاع رأي عالمي أجرته دورية Nature بين باحثي مرحلة ما بعد الدكتوراه أن عديدين ممن شملهم الاستطلاع - و70% منهم في أوروبا و64% في أستراليا- غير راضين عن مستوى أمانهم الوظيفي.

وعلى سبيل خفض الميزانية، الذي يُعد الشغل الشاغل لدى بعض الشركات، صارت هذه المؤسسات تميل إلى تقليص مواردها المخصصة لتوظيف الباحثين العلميين والاستعانة بهم. وفي الوقت نفسه، تدفع الضغوط الناجمة عن التضخم الاقتصادي بعض أصحاب التخصص العلمي الباحثين عن وظائف إلى الشعور بالإحباط واليأس من الحصول على وظيفة مناسبة، ما يضطرهم لقبول وظائف قد لا تتناسب مع مؤهلاتهم.

إلا أنه بالإمكان التغلب على صعوبات الحصول على وظيفة مناسبة، وتتمثل أولى الخطوات على هذا الطريق في الوعي بالعقبات القائمة. بعد ذلك، يمكن للباحثين العلميين الاستعانة بمنهجيات ثبتت مع الوقت صحتها لإبراز مميزاتهم لدى الترشح لفرصة عمل، وتعزيز فرص حصولهم على الوظائف.   

وضع اقتصادي مضطرب

تحكي بريانا كونيك، مديرة إدارة التطوير الوظيفي في كلية بريتزكِر للهندسة الجزيئية في جامعة شيكاجو بولاية إلينوي الأمريكية، عن خبرتها العملية مع التغيرات التي يشهدها مجال التوظيف. وتقول كونيك التي تقدم استشارات في محال البحث عن الوظائف لطلاب الدراسات العليا وباحثي ما بعد الدكتوراه: "تتركز نصف مهام وظيفتي على منهجيات جذب أصحاب العمل"، مضيفة: "من الملاحظ أن هذه الشركات لم تعد تخصص أية ميزانيات للتوظيف".

على سبيل المثال، تناهي إلى علم كونيك خلال خريف عام 2023 أن شركة ضخمة للمستحضرات الدوائية "خفّضت إجمالي حجم فريق التوظيف الخاص بها على مستوى العالم بها ليضم ثلاثة أشخاص فقط"، وهو ما يُعد "غير منطقيًا بالمرة"، بتعبير كونيك، التي أضافت أن الشركات آخذة في تقليص فعاليات التوظيف التي كانت تقيمها في الجامعات والكليات، إذ صارت هذه المؤسسات تدعو طالبي الوظائف إلى متابعة مواقعها الإلكترونية لتحديد ما إذا كانوا يرغبون في العمل لديها أم لا، بدلًا من الحصول على المعلومات بالتواصل المباشر معها من خلال فعاليات التوظيف.

كذلك تشهد المنافسات على الوظائف تناميًا ملحوظًا في الوقت الحالي. فقد أوضح تقرير صادر في سبتمبر من عام 2023، عن «معهد دراسات التوظيف» Institute for Employment Studies وهو منظمة استشارية تقع في مدينة برايتون بالمملكة المتحدة، أن بيانات سوق العمل في المملكة تكشف عن "تراجع حاد في معدلات التوظيف وارتفاع كبير في معدلات البطالة، مع ارتفاع طفيف في الركود الوظيفي". وأشار التقرير إلى انخفاض بنسبة 20% في عدد الوظائف الشاغرة منذ سبتمبر عام 2022.

وقد بدأ الباحثون العلميون بالفعل في استشعار وطأة الضغوط الناجمة عن التحديات التي تمتلئ بها سوق العمل. ويقدم لنا جوش هينكين مؤشرات على السوق من واقع خبرته كاختصاصي تدريب مهني ومؤسس لشركة «ستيم لخدمات التوظيف»STEM Career Services  في مدينة آرلنجتون بولاية فرجينيا الأمريكية، التي تقدم استشارات التوظيف لمن لديهم خلفيات في مجالات العلوم والتقنيات والهندسة والرياضيات لإعانتهم على بناء مساراتهم الوظيفية خارج الأوساط الأكاديمية. ففي هذا السياق، يقول هينكين إنه أُحيط علمًا بأن إحدى الشركات العاملة في مجال علاج الخلايا الجيني قبلت طلب التوظيف لعشر متقدمين لشغل وظيفة كبير مسؤولي العمليات بالشركة. ويعلق هينكين على ذلك قائلاً: "إن ذلك عدد كبير للغاية من المتقدمين لمنصب مثل هذا"، مضيفًا: "من هنا نتوقع أن الشركة نفسها ستقبل مئات طلبات التقدم للعمل بها عند إعلانها عن وظائف تحتاج إلى خبرات أقل".

كذلك، يجب أن يعي الباحثون عن الوظائف كيف قد يعوق الوضع الفريد لكل منهم فرصته في أسواق العمل المحفوفة بالصعاب. من هنا، استطلعت دورية Nature آراء اختصاصيّ التوظيف حول ما يمكن للباحثين العلميين فعله لتعزيز فرصهم في نيل الوظائف والتفوق في سوق عمل تحتدم فيها المنافسة بصورة متزايدة.

نبذ ’التصورات المعوِّقة‘

 أماني سعيد هي اختصاصية تدريب مهني في مدينة ملجا الإسبانية، تقدم خدماتها للباحثين العلميين. وترى سعيد أن مساعدة عميلها على التفوق على منافسيه في مسعاه لنيل وظيفة يبدأ عادة ببعض خطوات تطوير الشخصية. لذلك، تعمل سعيد على حث عملائها على الوقوف على تصوراتهم السلبية التي قد تعوق تقدمهم الوظيفي، ومن ثم العمل على التخفيف من حدة هذه التصورات أو نبذها نهائيًا.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأفراد كثيرًا ما يختبرون مشاعر القلق أو النظر بعين الشك إلى قدراتهم، إلا أن سعيد توضح أن الشعور نفسه يخالج أكثرهم. فعندما طُلب من 16 باحثًا علميًا أثناء إحدى ورش العمل المنعقدة بالنرويج إخفاء هويتهم وذِكر مثل هذه "التصورات المعوقة" – كما أسمتها سعيد – هنا جاءت الردود في صورة عبارات مثل: "لن أستطيع أداء المهمة"، "لا أملك الطاقة الكافية"، "لا أملك قدرات إبداعية"، "لا أدرى ما الذي أريده تحديدًا"، "لا أتمتع بشخصية محبوبة"، "لست على المستوى المطلوب". وقد أورد المشاركون في الورشة 113 عبارة على هذا النحو.

إلا أن سعيد تضيف: "بمجرد أن نتحدث عن الأمر بقدر أكبر من الانفتاح، يغدو الأفراد قادرين على نبذ الشعور بالوصم المصاحب للشعور بضرورة أن يكون المرء مثاليًا"، موضحة أن نبذ مثل هذه التصورات "يُعد المهمة الأولى بلا شك".

وتقول كونيك إن سيطرة المرء على توقعاته تُعد محورية لتحقيق النجاح في الحصول على وظيفة، وترى أن عملية البحث عن وظيفة تستغرق في المتوسط حاليًا فترة تتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أسابيع، وهو ما يستلزم الاستعداد الجيد لتلك الرحلة الطويلة.

وتضيف: "إن رحلة البحث عن وظيفة قد تأتي محفوفة بمشاعر الإحباط والخذلان". إلا أنه من الممكن تخفيف هذه المعاناة بالتواصل مع أشخاص داعمين.

جدير بالذكر أيضًا أنه مع مرور الوقت قد يصبح من السهل أن يتسرب اليأس إلى طالبي الوظائف؛ إلا أن عليهم مقاومة هذا الشعور. فيقول جيم جولد، مدير مكتب زمالات ما بعد الدكتوراه لدى كليتي الطب وطب الأسنان في جامعة هارفارد بمدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس الأمريكية: "يستطيع الناس أن يستشفوا هذا الشعور باليأس لدى الباحث عن وظيفة، حتى من خلال رسالة بريدية إلكترونية أو من التواصل على موقع «لينكد إن» LinkedIn. لذلك، يقول جولد: "عليك أن تثق في أدائك وتتطلع إلى الخطوات التالية." ولعل الخطوة الأهم هي الوعي بالدور الذي يلعبه الشعور باليأس في دفع المتقدمين للوظائف إلى أن يخفضوا مبكرًا معايير قبولهم للوظائف، سواء فيما يتصل بطبيعة الوظيفة أو طبيعة الشركة، ومن ثم قد يقبلون بوظيفة لا يرضون عنها لاحقًا. ويتكشف لهم هذا حالما يزول الشعور بالاطمئنان المصاحب للحصول على الوظيفة، ليجدوا أنفسهم قد عادوا إلى نقطة الصفر من جديد، أي إلى البحث مجددًا عن وظيفة في سوق العمل.

ويرى جولد أن التشبيه الأقرب لعملية البحث عن وظيفة هو أنها مماثلة لعملية البحث العلمي، إذ يقول: "أولى خطوات المنهجية العلمية هي التساؤل وجمع المعلومات"، ويضيف: "طرح الأسئلة المناسبة وجمع المعلومات يضمن صحة سير التجربة بأكملها".

تحديد نقاط القوة

تقول لاكشمي راماشاندران، اختصاصية التدريب والتطوير المهني في سنغافورة والمؤسسة المشاركة لشركة «إينافنيس للإرشاد والتدريب» Enoughness Coaching and Training، إنه من الشائع أن يواجه الباحثون العلميون صعوبات في التغلب على "الشعور بغرابة محاولة الترويج لأنفسهم"، إذ يعتقدون دومًا أن أبحاثهم تتحدث عن نفسها.

كذلك، يقول هينكين: "إن كثيرًا من الحاصلين على شهادات في مجالات العلوم لا يفهمون الزاوية التجارية لسير الأمور"، مضيفًا: "يتمثل جزء من عملي في مجال التدريب المهني في مساعدة الأشخاص على إدراك حقيقة أنهم، بصورة ما، يمثلون منتجات تسعى الشركات للاستثمار فيها". وتجعل هذه الرؤية الباحثين عن عمل يدركون أن أصحاب الأعمال يواجهون مشكلة ما وهي حاجتهم لتعيين شخص في المنصب المطلوب وأن "المتقدم للوظيفة يُمثل الحل للمشكلة"، كما يقول هينكين، الذي يضيف: "إذا نظرت لنفسك من هذه الزاوية، فقد تساعدك على تغيير تصورك لطبيعة عملية البحث عن وظيفة".

كذلك تقول سعيد إن توضيح مميزاتك الفريدة ومدى توافقها مع احتياجات صاحب العمل وثقافة شركته "يمكن أن يحسم التنافس لصالحك." لذلك، فهي توصي الباحثين عن الوظائف باستخدام منهجية (تحديد الموقف، فالمهمة، فالإجراءات، فالنتائج)، بوصفها نقطة الانطلاق التي يبدأ منها تعريفهم لمميزاتهم. يستلزم ذلك تحليل الأحداث التي وقعت في الماضي وتحديد المهام التي وجب تنفيذها والإجراءات التي اتخذها الشخص الباحث عن وظيفة والنتائج التي ترتبت على ذلك. وتشير سعيد هنا إلى أن تحديد "بعض المهام التي يستطيع المتقدم للوظيفة تأديتها بسهولة وسلاسة" يشكل غالبًا نقطة بدء مهمة للطرح الذي يقدمه.

وأحيانًا ما تكون إحدى السمات التي يعُدّها الباحث عن الوظيفة من العيوب هي في الحقيقة ميزة فريدة مستترة. فعلى سبيل المثال، تقول سعيد إن أحد عملائها قال لها ذات مرة: "لا أعرف ما يميزني. كل ما أعرفه أنني كسول"، لكن عندما طلبت منه توضيح مقصده، وجدت أن الإجابة تكشف قصة مختلفة تمامًا.

كان هذا الباحث العلمي غير ملم بالبرمجة الحاسوبية. إلا أنه، بحسب ما تذكر سعيد، "كان يضطلع بمهمة يدوية في أحد المختبرات تتلخص في تحليل كميات ضخمة من البيانات". وتضيف سعيد قائلة: "لم يكن عميلي يحب هذه المهمة؛ فقد كانت مملة للغاية"، لكن لما قضت فترة تدابير الإغلاق التي صاحبت انتشار جائحة «كوفيد-19»، بملازمة المنازل ومنعته من الذهاب إلى المختبر، استغل الوقت الذي كان مخصصًا للتواجد بالمعمل في تعليم نفسه البرمجة.

وتقول سعيد إن هذا الباحث نجح فيما بعد في ابتكار خوارزمية قادرة على إسراع وتيرة تحليل البيانات بدرجة فائقة، بحيث أصبحت المهام التي كانت تحتاج إلى أربع ساعات لا تستغرق سوى أربع ثوانٍ.

وفي حالة الباحث العلمي المشار إليه في هذه القصة، فإن قدرته على زيادة الإنتاجية وتخفيف أحمال العمل على الموظفين تعد ميزة عظيمة تعين عليه أن يستغلها في رحلته للبحث عن وظيفة. إلا أن إدراك هذه الميزة تطلب منه التنقيب في قدراته والتفكُّر فيها حتى يصل لتلك النتيجة.

الوظيفة الهدف

يتخذ العديد من الباحثين عن وظائف قرارات سابقة لأوانها بالإحجام عن التقدم لوظيفة ما لمجرد اعتقادهم أنه لا طائل من التقدم لها إذا كانوا لا يستوفون كل المعايير المتضمنة في إعلانها. إلا أنه يتعين على المتقدمين للوظائف أن يعوا أن أصحاب العمل في العادة يعرفون مسبقًا أن من سيقع عليه الاختيار لن يستوفي جميع المواصفات المطلوبة. في هذا الصدد، يشبِّه هينكين وكونيك تلك القوائم الطويلة من المؤهلات المطلوبة بمحاولات للعثور على كائن أسطوري.

بناءً على ذلك، يجدر بالباحثين العلميين التدرب على قراءة المواصفات المطلوبة في إعلان الوظيفة قراءة تحليلية للتوصل إلى المواصفات الأهم بينها، حتى يكونوا أقدر على البت في قرار التقدم لشغل وظيفة ما أو الإحجام عن ذلك. وهنا، تقول كونيك: "تصبح الأسبقية مهمة"، أي أن إعلانات الوظائف غالبًا ما تُدرج المهارات والمواصفات المرغوب فيها بترتيب تنازلي وفق أهميتها.    

لذلك، تقول كونيك إن عدم التمتع بإحدى المواصفات المدرجة في صدارة القائمة قد يمثل مشكلة، بينما قد لا يعصف غياب بعض المؤهلات الواردة في ذيل القائمة بفرصتك، مضيفة أن أصحاب العمل يمنحون الفرصة في الغالب للمتقدمين للوظائف الذين يستوفون نحو 75% من البنود المدرجة ضمن متطلبات الوظيفة.

كما يؤكد كونيك على أنه لو كان "مسمى الوظيفة يحمل بوضوح" كلمات مفتاحية مثل باحث في علم المعلومات الحيوية، "فمن الضروري أن يستوفي المتقدمون هذه المواصفات [ أو ] المهارات [ أو ] المؤهلات" لكي يحققوا النجاح في مسعاهم. إضافة إلى ذلك، تقول كونيك إنه عندما يذكر الإعلان بعض الكلمات المفتاحية عدة مرات، فإن ذلك يدل في العادة على أهمية هذه الكلمات. وللعثور على الكلمات المفتاحية، توصي كونيك بأهمية "نسخ نص إعلان الوظيفة ولصقه في مولِّد كلمات يستخدم الإنترنت السحابي".

كيف تروج لنفسك؟

وفقًا لهينكين وسعيد، توجد أوجه تشابه لافتة بين البحث عن وظيفة والمواعدة. ففي كلتا الحالتين يحتاج كل طرف إلى التعبير للطرف الآخر عن رغبته فيه، كما أن عليه أن يبدي سعة اطلاع وتشوقًا للمقابلة دون أن يُستشف منه الإلحاح أو اليأس. إضافة إلى ذلك، فإن عليه الوعي بمميزاته دون أن يبدو متغطرسًا.

كذلك، فإن العناية بتأسيس شبكة علاقات وتدعيمها باستمرار يعدان من أساسيات البحث عن وظيفة.

في هذا الصدد، يقول جولد: "اطلبِ العون من الآخرين، أَطلعهم على ما أنت بصدده، وادعهم ليشاركوك مسيرتك."

ويوضح ذلك قائلًا: "أنت هنا لا تسأل الآخرين أن يجدوا لك وظيفة، بل تطلب منهم أن يمدوك بالمعلومات وجهات الاتصال والترشيحات"، مضيفًا أن هذا المنظور من شأنه "التخفيف من وقع كلمة ’التشبيك‘ الكريهة ليتحول الأمر فحسب إلى عملية "بناء علاقات".

ويقول جولد إن تلك الخطوة "تمثل نصف معركة السعي للحصول على وظيفة عندما تجد نفسك في سوق عمل تتسم ببطء الإيقاع"، مضيفًا: "ربما تساعدك العلاقات الشخصية في تخطي مرحلة التقدم للوظيفة. فقد يكون بوسع شخص ما يعرف شخصًا آخر أن يضع أوراقك مباشرة أمام مدير التوظيف".

إلا أن سعيد تحذر الباحثين عن الوظائف من "إزعاج أصحاب العمل بملفات السير الذاتية" منوهة إلى أن كثيرًا من الأشخاص يرسلون أوراقهم إليها على موقع «لينكد إن» دون محاولة بناء بعض التواصل معها أولًا. وهنا تتساءل سعيد قائلة: "ما الذي يدفعني للجلوس وتفحص سيرتك الذاتية وأنا حتى لا أعرفك؟" فالهدف هنا إذنً هو خلق قنوات تواصل حقيقية.

وتضيف سعيد قائلة: "عليك مراعاة وقت الآخرين واحترامه". وفي هذا الإطار، تحث الباحثين عن وظائف إلى اللجوء إلى عملية التشبيك للبرهنة على قدراتهم على تحقيق قيمة مضافة للشركات، بالتعرف من خلال شبكات علاقاتهم على التحديات التي تواجهها الشركات والتي يمكن لهم الإسهام في التصدي لها.

وتوصي كونيك الباحثين عن وظائف بالاستعانة بشبكات خريجي الجامعات التي أفرزتهم، حتى وإن لم يكونوا حاليًا من الطلاب أو الخريجين الجدد. كما تشير كونيك إلى أن حضور الفعاليات التي تضم الخريجين يساعد الباحثين عن وظائف على تبيُّن "الآفاق والمسارات المتاحة" أمامهم. وهنا أيضًا، من المهم للمرء تحديد مسلكه.

وتوضح ذلك قائلة: "يتبنى البعض نهجًا عشوائيًا لدى الخوض في الأمر، للقبول في نهاية المطاف بأي ما يسنح من الوظائف. وأعتقد أن هذا نهج مُزر".

وتوضح راماشاندران أن على الباحثين عن وظائف تجنب "التسرع في تقديم طلبات التوظيف وإعادة صياغة سيرتهم الذاتية لتتماشى مع الوظيفة الشاغرة بدون فحص متأنٍ لتوصيفها". في هذا الصدد، يقول هينكين إن السيرة الذاتية ليست مجرد قائمة مفككة ومملة "تحوي كل ما أنهض به من مهام في منصبي الحالي وما نهضت به من مهام في ما شغلته سابقًا من مناصب"، مؤكدًا أهمية أن يُعنى المتقدمون للوظائف بالتأكيد على ثلاث نقاط: "المهارات التي يمتلكونها، وما يدل على براعتهم في هذه المهارات"، وأخيرًا "عوامل نجاحهم".

ويحذر جولد من "إعداد الأوراق اللازمة للتقدم للوظيفة دون طلب مراجعتها من شخص آخر، للتأكد من سلامة المحتوى والسياق وغياب الأخطاء الإملائية". ويمكن أن تختار هذا الشخص من بين أصدقائك المقربين، أو المعلمين الناصحين، أو استشاريّ التوظيف. وهؤلاء يمكنهم كذلك تقييم وضوح الطلب ودقته وإحكام صياغته.

ويشجع هينكين المتقدمين للوظائف على أن يضعوا في حسبانهم "معادلة المخاطر التي تكون الشغل الشاغل لدى الشركات" عند تقييمها المتقدمين للوظائف. ويتمثل أحد جوانب هذه المخاطر في أن يكون الشخص المختار مفتقرًا للمهارات المطلوبة للنجاح في الوظيفة، بينما يتمثل جانب آخر في قيام الشركة بتوظيف شخص ما وتولى تدريبه، ليغادرها في وقت قصير. لذلك، تبحث الشركات عن المتقدم الذي يثبت قدرته على تقديم ضمانات واضحة ضد تلك المخاطر من خلال حوزته لمواصفات مثل الجدارة والالتزام والنزاهة.  

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.300