أحدث الأبحاث

سكريات معقدة أكثر = مرونة دماغ أكبر

نشرت بتاريخ 20 أغسطس 2023

فهم آلية تأثير السكريات المعقدة على مرونة الدماغ قد يُسهم في تطوير علاجات لإصلاح الضرر الناجم عن الأمراض التنكسية العصبية أو السكتات الدماغية

محمد السيد علي

Linda Hsieh-Wilson’s lab

Enlarge image
لماذا يمكنك التعرُّف على شخص لم تره منذ سنوات، في حين قد تنسى ما تناولته على الإفطار بالأمس؟

عادةً، تعيد أدمغتنا ترتيب دوائرها باستمرار لتتذكر الوجوه المألوفة أو تتعلم مهارات جديدة، لكن الأساس الجزيئي لهذه العملية المُعقدة لا يزال مبهمًا.

وفي محاولة لفك هذا اللغز، أفاد باحثون بأن هناك مركبات تسمى "الجليكوزأمينوجليكان" تؤثر على "المرونة" في أدمغة الفئران.

و"المرونة" هي قدرة الجهاز العصبي في الدماغ على تعديل روابطه أو تغييرها، كردّ فعل للتغيرات الطارئة في البيئة، ومن دون تلك القدرة لن يستطيع الدماغ أن يتطور من الطفولة إلى البلوغ أو أن يُشفى من إصابة لحقت به.

أما "الجليكوزامينوجليكان" فهي نوع من السكريات المعقدة التي توجد في الأنسجة الضامة بجميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الدماغ، وتؤدي دورًا مهمًّا في عدة وظائف، منها مساعدة الخلايا على النمو والتكاثر، وحمايتها من الضرر.

ووفق الدراسة، فإن السكريات التي تُحلي الفواكه أو الحلوى تمثل عددًا قليلًا من أنواع السكريات الموجودة، وعندما يتم ربط تلك السكريات معًا، تتكون مجموعة واسعة من السكريات المُعقدة، إذ تتشكل "الجليكوزامينوجليكان" عن طريق الارتباط بهياكل كيميائية أخرى، تتضمن مجموعات الكبريتات.

وأشار الباحثون إلى أن تحديد آلية عمل "الجليكوزامينوجليكان" لدى الفئران يمكن أن يساعد على فهم كيفية عمل الذاكرة والتعلم لدى البشر، ويوفر طرقًا لإصلاح الاتصال العصبي بعد الإصابات.

وعُرضت نتائج الدراسة ضمن فعاليات مؤتمر الجمعية الكيميائية الأمريكية (ACS Fall 2023) الذي عُقد مؤخرًا بمدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة.

تقول ليندا هسيه-ويلسون، أستاذ الكيمياء بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وقائد فريق البحث: "وجدنا أن الجليكوزامينوجليكان تؤدي دورًا مهمًّا في تشكيل الروابط المشبكية بين الخلايا العصبية والذاكرة الاجتماعية في الفئران؛ فالفئران التي تعطلت لديها هياكل الجليكوزامينوجليكان -على سبيل المثال- لم تستطع أن تتذكر الفئران التي تفاعلت معها سابقًا".

وأضافت في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": "تقدم نتائجنا نظرة ثاقبة حول كيفية إسهام جزيئات السكر المعقدة في "مرونة" الدماغ، ما يساعد على تكوين الروابط العصبية واستقرارها؛ فتلك السكريات تنظم العديد من البروتينات، وتتغير بنيتها في أثناء التطور ومع المرض".

ومن المثير للاهتمام أن هذه الشبكات قد تكون أكثر ديناميكيةً مما كان يُعتقد سابقًا؛ إذ يمكن أن تؤدي دورًا في كلٍّ من الطفولة والبلوغ، وفق النتائج.

وعندما استهدف الباحثون جينًا يُدعى (Chst11) -المسؤول عن تشكيل نمطين رئيسيين من "الجليكوزامينوجليكان" في الدماغ- في أدمغة الفئران البالغة، وجدوا التأثيرات نفسها على شبكات حول العصبونات والذاكرة الاجتماعية.

تقول "هسيه-ويلسون": "تشير هذه النتيجة إلى أنه قد يمكن التلاعب بهذه الشبكات خلال فترة المراهقة أو مرحلة البلوغ لإعادة توصيل روابط متشابكة معينة أو تقويتها".

وترى أن تعديل هياكل هذه الجزيئات قد يعزز المرونة أو الإصلاح العصبي في حالة إصابة الجهاز العصبي المركزي أو وجود أمراض تنكسية عصبية.

لذلك تعتبر أنه بدراسة كيمياء "الجليكوزامينوجليكان" في الدماغ يمكن التعرف على مرونة الدماغ واستخدام هذه المعلومات لاستعادة الاتصالات العصبية المرتبطة بالذاكرة أو تعزيزها".

ويُجري الفريق تجارب في الوقت الحالي لمعرفة كيف يمكن أن تؤثر "الجليكوزامينوجليكان" على تجديد محور عصبي، أو قدرة الخلايا العصبية على إعادة بناء نفسها بعد الإصابة.

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.141