مقالات

Read this in English

إصلاح العلوم في البلدان الإسلامية

نشرت بتاريخ 17 مارس 2016

تقرير يوجه دعوة لإصلاح جامعات العالم الإسلامي، ولكن، هل ثمة خارطة طريق؟

نادية العوضي

تضم مدينة فاس المغربية أقدم جامعة في العالم لا تزال تعمل باستمرار إلى اليوم
تضم مدينة فاس المغربية أقدم جامعة في العالم لا تزال تعمل باستمرار إلى اليوم
© Travel Pictures / Alamy Stock Photo

شكلت مجموعة من العلماء فريق عمل، عازمًا على تحسين وضع الجامعات العلمية في العالم الإسلامي. ولكن ما ننتظر أن نراه هو أن تُتَرجَم خارطة الطريق المقترحة إلى تغيير حقيقي.

ويستعرض تقرير جديد شكل العلوم في جامعات الدول السبع والخمسين الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي (OIC). فقد اعتبر كتّابها وأكاديميوها الخمسة عشر وصانعو السياسات ومسؤولو الاتصالات، الذين يعملون تحت رعاية مبادرة علوم العالم الإسلامي (MWSI)، أن "العلوم بشكل إجمالي في العالم الإسلامي لا تزال دون المستويات المرضية".

ويقترح التقرير إعطاء الجامعات في الدول الإسلامية مزيدًا من الاستقلالية والمرونة عند مراجعة مناهجها العلمية، وانخراطها في أنشطة التوعية العامة. ويقول إن على أصحاب المصلحة الرئيسيين إشراك الشباب في ديناميات العلم، ويحث على عدم التمييز بين الجنسين.

يقول نضال قسوم -عالم الفيزياء الفلكية، من الجامعة الأمريكية في الشارقة (الإمارات العربية المتحدة)، والذي دعا لاجتماع فريق العمل-: "على حد علمنا، فإن هذه هي المرة الأولى التي يُبذَل فيها جهد ملموس لإعادة النظر في تدريس العلوم في جامعات العالم الإسلامي، وهذا يشمل الطرق التربوية، والكتب المدرسية ولغة التدريس، والرقابة على الموضوعات ’المثيرة للجدل‘، وحتى مسألة الدين في الدروس العلمية".

على الرغم من كونها موطنًا لبعض من أقدم المؤسسات التعليمية، إلا أن العديد من جامعات العالم الإسلامي لا تزال فتية نسبيًّا. ثلاثة أرباع مجمل الجامعات العربية، على سبيل المثال، أُسست في الربع الأخير من القرن الماضي. وقد تسبب هذا الأمر -إضافة إلى عوامل أخرى، ومن ضمنها انخفاض الإنفاق الحكومي على البحث والتطوير- إلى تأخر جامعات العالم الإسلامي عن ركاب الجامعات الأخرى في العالم المتقدم.

وجّه فريق عمل مبادرة علوم العالم الإسلامي دعوة إلى الجامعات في جميع أنحاء العالم الإسلامي؛ للانضمام الى شبكة عمل تطوعية من الجامعات العلمية الممتازة (NEXUS) سيتم تدشينها مطلعَ هذا العام. وستعمل على تشجيع التنفيذ المنهجي لأفضل ممارسات الجامعات الناجحة في دول منظمة المؤتمر الإسلامي.

كما ستتولى أيضًا مراقبة الإصلاحات في الجامعات المشاركة، وتدريب مديري الجامعات وتقييم الأداء الجامعي. "لقد اتصلنا بمسؤولي الجامعة والمؤسسات الأكاديمية في المنطقة، بشكل رسمي وغير رسمي، ونتلقى كلمات اهتمام مشجعة"، وفقًا لقول قسوم، "ولا يزال من المبكر جدًّا الحصول على تعهدات رسمية، ولكن العملية تمضي قدمًا".

أعرب عبد الحميد الزهيري -رئيس الجامعة الأورو-متوسطية في سلوفينيا- عن شكوكه حول التقرير. فهو يقول إن العديد من توصيات فريق العمل لإصلاح الجامعات ممكنة التحقيق، مثل اعتماد المقاييس الصحيحة للحد من الانتحال العلمي والعلم الزائف، وإصلاح مناهج العلوم والتربية، وإدخال مفاهيم الفنون الحرة.

على أي حال، يضيف الزهيري، الذي يتمتع بخبرة واسعة في التعليم العالي والبحث العلمي في مصر، إضافة إلى عمله في التعاون الدولي في مجال التعليم والبحث والابتكار، أن "بعض التوصيات غير ممكنة التحقيق على المدى القصير أو المتوسط، ​​وأنها تتطلب قدرًا من التحول الاجتماعي والسياسي، مثل ’المزيد من الاستقلالية للجامعات، والمزيد من الشفافية والجدارة ضمن المجتمعات‘".

هذا التغيير سيتطلب عدة عقود لإنجازه، وفق قوله.

يقول قسوم: إن فريق العمل يعتقد أن انعدام استقلالية جامعات العالم الإسلامي يرجع بشكل رئيسي إلى مسارات تاريخية حافظت على الوضع القائم الذي لم يعد مجديًا. "إذا تمكنَّا، بطرق عملية، من إظهار كيف يمكن تغيير النظام، فنعتقد أن الكثيرين سيرحبون به".

ويشير الزهيري أيضًا إلى أن فريق عمل مبادرة علوم العالم الإسلامي قد لا يكون ممثلًا بشكل كامل. "لا أعضاء من إندونيسيا، أكبر بلد إسلامي؛ ولا من تركيا، البلد الإسلامي الوحيد في أوروبا؛ ولا من مصر، أكبر دولة عربية؛ ولا من نيجيريا، أكبر دولة إسلامية في أفريقيا".

هذا يعني، وفق رأيه، أن آراء التقرير واستنتاجاته تركز أكثر على بلدان الشرق الأقصى الآسيوية، مثل ماليزيا وباكستان.

إن جامعات المنطقة بحاجة لإصلاح قواعد الدعم الأكاديمي ولوائحه؛ لتشجيع الكيف لا الكمّ، كما يقول الزهيري.

وهو يقترح -إضافة إلى ذلك- تشكيل برنامج لتنقل الطلاب والموظفين في العالم الإسلامي، بحيث يصمم على أساس برنامج إيراسموس الأوروبي للتنقل. "سيشكل هذا مصدر إلهام للإصلاحات، وسيضاعف قصص النجاح بين المؤسسات والبلدان المشاركة"، وفق قوله.

doi:10.1038/nmiddleeast.2016.34