مقالات

Read this in English

علماء عرب يستشرفون أفضل المواقع للمراصد الفلكية

نشرت بتاريخ 2 فبراير 2015

علماء يبادرون لتحديد أكثر المواقع في الشرق الأوسط ملاءمة لإنشاء مراصد لدراسة النجوم.

نادية العوضي

في العالم العربي مرصد واحد فقط مزود بتلسكوب قطره متر واحد
في العالم العربي مرصد واحد فقط مزود بتلسكوب قطره متر واحد
© Younes Boudiaf

بينما تقطع بعض الدول العربية خطوات واسعة في مجال الفضاء، فإن مجال علم الفلك غالبًا ما يتم تجاهله.

في عام 2014، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن خطط لإرسال مسبار غير مأهول الى المريخ بحلول عام 2021 بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس البلاد. وفي العام الماضي أيضًا، أعلنت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (KACST) في المملكة العربية السعودية عن دورها في الإطلاق الروسي للقمر الصناعي سعودي سات-4 SAUDISAT-4، الذي صممه وطوره المركز الوطني لتقنية الأقمار الاصطناعية في KACST. وكشفت دولة الإمارات العربية المتحدة أيضًا عن خطط لإطلاق القمر الصناعي خليفة سات في عام 2017، والذي سيتولى بناءه حصريًّا 45 مهندسًا إماراتيًّا.

ولكن هذا التقدم الكبير في صناعة الفضاء، يسهم في تسليط الضوء على الجمود في مجال علم الفلك. كتب نضال قسوم في مقال لـNature في يونيو 2013 أن "غالبية الدول العربية تنتج أقل من عشرة أبحاث سنويًّا في هذا المجال، ونادرًا ما يُستشهَد بها". وحاليًّا، يوجد في العالم العربي كله مرصد فلكي واحد مزود بتلسكوب يتجاوز قطره المتر الواحد– هو مرصد القطاميّة في مصر.

لذا يتأهب قسوم -أستاذ الفيزياء وعلم الفلك في الجامعة الأمريكية في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة- واثنتان من طالباته في المرحلة الجامعية لتحديد المواقع الواعدة لبناء مراصد فلكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

في البدء وضعوا قائمة بالمعايير الجوية والبيئية والفيزيائية اللازمة لبناء مراصد مستوفية للمعايير الدولية، كما تشرح نورا السعيد، الطالبة في السنة الجامعية الأولى في تخصص الرياضيات. ثم أجروا بحثًا نظريًّا أوليًّا للمواقع المحتملة للمراصد الفلكية البصرية المستوفية لهذه المعايير.

وقد اعتُبر ارتفاع 1,500 متر الحدّ الأدنى للارتفاع المطلوب في أي من الأمكنة المحتملة. وكما توضح ندى عبد الحافظ -الطالبة في السنة الجامعية الرابعة، التي كانت تتخصص في الهندسة الكهربائية عندما أجريت الدراسة-: "عندما يتعلق الأمر بالمرصد البصري، فإن نوعية الهواء مهمة جدًّا". في الارتفاعات الأعلى سيكون الهواء أكثر استقرارًا والطقس أكثر برودة، "لذا فإن كمية الضوء التي ستدخل إلى التلسكوب ونوعيته ستكونان أفضل بكثير؛ لأنها لن تتأثر سلبيًّا بسبب جزيئات الهواء أو الغبار".

بالاستناد إلى معيار الارتفاع الأدنى، وباستعمال خرائط غوغل، وُضعت قائمة تضم 14 موقعًا محتملاً في ست دول عربية مختلفة.

بعد ذلك عمد الفريق إلى تجميع بيانات لاستبعاد المواقع التي لا تلبي بقية المعايير، بادئين باستبعاد المناطق التي تتميز بتلوث ضوئي كثيف. وللحصول على بيانات حول معدلات التلوث هذه، استفاد الفريق من طبقة في تطبيق جوجل إيرث تُدعى أضواء مدن الأرض. وتم تحديد معدلات التلوث الضوئي استنادًا إلى البعد عن أقرب مدينة وحجمها، مستثنين المواقع التي تتميز بارتفاع معدل التلوث الضوئي أو بشدة ارتفاعه.

فيما بعد حاول الباحثون تضييق القائمة أكثر، استنادًا إلى بيانات الأرصاد الجوية. ولكن مواقعها النائية كانت تحدّ من كم البيانات المتاحة. ولكنهم بدلاً من ذلك، حصلوا على معلومات تتعلق بعدد الليالي الغائمة ودرجة الرطوبة في أقرب المواقع المحتملة على مدى سنة واحدة، وذلك من المواقع الإلكترونية الخاصة بالأحوال الجوية. كما جمعوا أيضًا متوسط درجات الحرارة وتغيرات درجة الحرارة النهارية في أقرب الأماكن من المواقع المختارة. وكانت سرعة الرياح القصوى في جميع المواقع تقريبًا 7 أمتار/ ثانية، وهي أقل بكثير من المعدل الأقصى المقبول والبالغ 15 مترًا/ ثانية.

تركت عملية التصفية هذه سبعة مواقع، تمثل نصف المواقع الأصلية المحتملة لبناء مراصد فلكية في المنطقة العربية.

"حتى بالنسبة لأفضل موقعين أو ثلاثة مواقع، سيتم التغاضي إلى حد ما عن بعض المعايير ويجب الاستعاضة عنه بوسائل تقنية".

تصدّر القائمة موقع جبل كاترين في جنوب سيناء المصرية، وأتت بعده ذروة قرب مدينة تبوك السعودية في جبال الحجاز. وتلاها جبل تاهات في جبال الأهقار في الجزائر، ثم جبل أم الدامي في وادي رم في الأردن، وجبل توبقال في جبال الأطلس في المغرب، ودريبا كلديرا في جبل مرّة في السودان، وجبل شيليا في جبال الأوراس الجزائرية.

"لا يمكن اعتبار أي من هذه المواقع مثاليًّا من جميع النواحي"، كتب الفريق في دراسته التي نشرت في دورية The Observatory في ديسمبر 2014. "وحتى بالنسبة لأفضل موقعين أو ثلاثة مواقع، سيتم التغاضي إلى حد ما عن بعض المعايير، ويجب الاستعاضة عنه بوسائل تقنية".

كانت بعض المواقع غير مناسبة بشكل غير متوقع. فكما يعرب قسوم عن دهشته: "كنا نعتقد حقًّا أن جبال عُمان ستكون أماكن رائعة. أجرينا رحلات لتأمل النجوم إلى بعض الجبال هناك، وأحيانًا إلى جبال الإمارات العربية المتحدة، التي يبلغ ارتفاع أحدها 1,600 متر".

 "كانت اليمن أيضًا على الدوام وجهة مفضلة للفلكيين من حيث المبدأ؛ لاحتوائها على جبال يتجاوز ارتفاعها 3,000 متر، فتوقعنا أن نجد بعض الأماكن التي ظننَّا أنها ستكون ملائمة جدًّا لهذا النوع من المراصد، ولكن توقُّعَنا لم يكن صائبًا".

وأعرب عن دهشته أيضًا لسمات وادي رمّ في جنوب الأردن لإنشاء مرصد.

وعلى الرغم من البحث الواعد، فقد افتقر الفريق إلى التمويل من أجل إجراء القياسات الميدانية للمواقع التي اختاروها. تقول السعيد: "أرغب بالفعل في [الحصول] على [بيانات] أكثر دقة، وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ لأننا لم نجرِ أي قياسات ميدانية فيها".

doi:10.1038/nmiddleeast.2015.21


  1. Guessoum, N.; Alsaeed, N.; Abdelhafez, N. Preliminary search for astronomical observatory sites in the MENA region. The Observatory 134: 339-347