أخبار

Read this in English

جفاف الخيارات لليمن ناضب المياه

نشرت بتاريخ 9 سبتمبر 2015

مع تصاعد الصراع في اليمن، تواجه البلاد نقصًا حادًّا في المياه.

صوفي كزنز

© Alen Penton / Alamy

يكافح أكثر من 20 مليون يمني -80 في المائة من سكان البلاد- من أجل الحصول على مياه نظيفة مع استمرار الصراع في البلاد.

ويحذّر خبراء المياه من آثار كارثية على الصحة العامة، وخاصة في المناطق الريفية، ما لم تعالَج مشكلات نقص المياه.

توزّع المياه في الريف عن طريق مشاريع الأنابيب، التي تعتمد بشكل كبيرعلى ما يُضَخُّ من المياه الجوفية. ويتطلب استخراج الماء بهذه الطريقة الحصول على الوقود، الذي يعاني شُحًّا في المعروض، ومع نضوب المياه الجوفية، تصبح تكلفتها أكثر من أي وقت مضى.

حتى قبل تأجُّج الصراع الذي بدأ في مارس، شهد اليمن فترات طويلة من نقص المياه؛ بسبب النمو السريع لاقتصاد السوق، والدعم الحكومي للتنمية واستخراج المياه الجوفية، كما يقول خبير المياه في اليمن، البريطاني كريستوفر وارد، الباحث في جامعة إكستر.

وارد، مؤلف ’أزمة المياه في اليمن: تدبير ندرة المياه الشديدة في الشرق الأوسط‘، يقول: إن إدارات شؤون المياه ومؤسساتها لم تكن كافية لتعديل سرعة الاستخراج، وقد أدت الاختلالات في الاقتصاد السياسي في اليمن إلى عدم المساواة في الوصول إلى المورد الثمين.

"في غياب الحكومة، كانت كل الحوافز متجهة إلى ’سباق نحو الحضيض‘ بدلًا من ’مأساة جماعية‘- استخرج الماء قبل جارك"، كما يقول وارد.

ولكن، مع استمرار الصراع بين المتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران، وقوات التحالف الذي تقوده السعودية، وصفت وكالات المعونة الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها "كارثية".

يتحدث محبوب أحمد باجوا -رئيس هيئة المياه والصرف الصحي في يونيسف في اليمن- من صنعاء، قائلًا: إن خطر تفشي الأمراض في الريف جليّ.

ويضيف: "في غياب إمكانية الوصول إلى إمدادات المياه المحسنة، هناك نوبات منتظمة من الإسهال، خاصة بين الأطفال الصغار، وهذا ما سيكون له بالتالي تأثيرعلى أوضاع تغذيتهم".

يقول أحمد شادول -ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن-: إن عدد حالات الإسهال المدمم قد تضاعف بين الأطفال دون سن الخامسة، وإن هناك زيادة في أمراض أخرى كالملاريا.

وقال تقرير جديد حول اليمن أصدرته منظمة أوكسفام الدولية إن 6,5 ملايين شخص، اعتبارًا من أواخر يوليو، كانوا على حافة المجاعة. منذ شهر مارس، يقع 25,000 شخص ضحيةً للجوع يوميًّا، بعد أن فرضت السعودية حصارًا بحريًّا على الموانئ اليمنية، مانعةً الغذاء والماء والوقود والمساعدات الحيوية الأخرى من دخول البلاد.

قبل الأزمة، كان بإمكان 50 في المائة فقط من سكان المناطق الحضرية الحصول على المياه الصالحة للشرب، وبإمكان حوالي ثلث سكان الريف الحصول على مياه نظيفة ضمن دائرة نصف قطرها 500 متر من مساكنهم، وفق قول وارد.

أدى نقص الوقود إلى ارتفاع أسعار السوق السوداء إلى خمسة أضعافها، وفقًا لقول خبير المياه أنور السحولي، الذي كان حتى وقت قريب مساعدًا لوزير المياه والبيئة اليمني في تطوير سياسات واستراتيجية قطاع المياه.

"لم تتمكن شركات المياه من شراء الوقود بهذا الثمن، خصوصًا لأن المستهلكين لم يكونوا قادرين على دفع فواتير المياه نتيجة للارتفاع الشديد في معدلات التضخم"، وفق قوله.

"يرسل الفقراء أبناءهم إلى المساجد وبعض الجمعيات الخيرية لجلب المياه بواسطة ’الجراكن‘، التي تصبح ثقيلة جدًّا للحمل. ويشتري الأغنياء مياه الصهاريج من القطاع الخاص بعشرة أضعاف الثمن الذي تطلبه شركات المياه العامة".

يقول السحولي: إن الري في البلاد ضعيف جدًّا بسبب الحوافز الحكومية للمزارعين، كدعم الوقود وانخفاض تعريفة الطاقة الكهربائية- التي كانت نافذة قبل الأزمة. وهو يرى أن حوافز كهذه تشجع المزارعين على التحول من الري بالمطر إلى الري باستخدام مياه الآبار العميقة.

ويحذر باجوا -من اليونيسف- من أن "اليمن ستنضب مياهه إذا لم يوقف أو يخفض السحب المستمر للمياه من جانب القطاع الزراعي".

"في الوقت الراهن نستخرج المياه الجوفية بمعدل يفوق ثلاثة أضعاف تعويضها. وما لم تُتخَذ قرارات إدارية ملزمة للحفاظ على المياه، فستُشرَّد أعداد كبيرة من الشعب اليمني"، كما يضيف.

ويرى وارد أن اليمن يجب أن يتحول إلى اقتصاد أقل اعتمادًا على الماء إذا كان لديه أي فرصة للتعافي ويحث على العمل المحلي. "هناك أمثلة كثيرة عن سكان محليين يتحكمون بموارد المياه، ويعيدون إحياء أنماط التعاون التقليدية"، وفق قوله.

على أي حال، فات الأوان في كثير من المناطق، وأصبحت المياه الجوفية في طريقها للنفاد، أو نفدت بالفعل.

"ستكون النتيجة انكماشًا في الاقتصاد الريفي، وهجرة من الريف إلى الحضر، وصراعات بين الحضر والريف على المياه، وزيادة كبيرة في تكاليف المياه في المناطق الحضرية".

وردًّا على سؤال إذا ما كان الوضع قابلًا للعكس، أجاب مستشار المكتب الرئاسي اليمني للمياه والبيئة، عبد الرحمن الإرياني إنه لا يعرف. "ربما كان ذلك يعتمد على مدى استمرار الحرب، وعلى التدخلات التي ستقوم بها الحكومة".

doi:10.1038/nmiddleeast.2015.163