أخبار

اقتسام الألم: تحسين الرعاية الصحية في مناطق الحرب

نشرت بتاريخ 29 يناير 2014

يقترح الباحثون اتباع نهج إقليمي لمواجهة مشكلة أنظمة الرعاية الصحية الوطنية التي أُنهِكت بسبب الصراع في الشرق الأوسط.

أندرو بوسون


وصل تأثير الحرب في العراق إلى المرافق الطبية.
وصل تأثير الحرب في العراق إلى المرافق الطبية.
© Megapress / Alamy

إن الحاجة الملحة لدى ملايين اللاجئين الذين نزحوا من بلادهم بسبب النزاع في الشرق الأوسط للحصول على خدمات طب الطوارئ، فضلا عن احتياجات مواطني البلدان التي دُمِّرت نظم الرعاية الصحية فيها بسبب الحرب لهذه الخدمات، تستدعي توفر أنظمة رعاية صحية لا تحدها الحدود الوطنية .

نُشر تقرير جديد في 'لانسيت' يدعو الباحثين إلى وضع استراتيجيات لتوفير الرعاية الصحية عبر الحدود، وصياغة مفهوم "الجغرافيا العلاجية".

يقول المؤلف الرئيسي لهذا التقرير، عمر دويشي، من الجامعة الأميركية في بيروت، لبنان: "إنها طريقة لتوضيح الآثار الطويلة الأمد في المنطقة على مستوى ديموغرافي أكبر، وعلى مستوى الإنسان، والفرد، والحياة اليومية".

ونُشر البحث في 20 يناير، كجزء من سلسلة في 'لانسيت' تحمل عنوان: "الصحة في العالم العربي: وجهة نظر من الداخل"، بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، لبنان، وجامعة بيرزيت في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

على الرغم من عدم توافر أرقام دقيقة عن أعداد العراقيين الذين يسافرون لتلقي الرعاية الطبية، وجدت دويشي أنه منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، سعى حوالي 5,000 عراقي للحصول على الرعاية الصحية في مستشفى واحد في بيروت وحدها. ويقدر علي أنبوري -الذي يرأس الجمعية العراقية للإدارة والترويج الصحي- أن عدد العراقيين الذين يسافرون سنويا لتلقي الرعاية الصحية في دول المنطقة مثل لبنان والأردن وإيران وتركيا، وفي دول بعيدة كالهند يتراوح بين 50,000 و100,000 عراقي. "السبب الرئيسي الذي يدفع العراقيين إلى التماس الرعاية الصحية في الخارج هو انعدام الثقة في النظام الصحي [العراقي]"، استنادا إلى أنبوري.

[أن تكون] مُستغَلا من قبل النظام يضاعف من آثار الحرب.

ويتفاقم انعدام الثقة بسبب ما يسميه دويشي: "عسكرة الرعاية الصحية"، أي المخاطر التي يتعرض لها طالبو الرعاية الصحية ومقدموها خلال فترات الصراع، وكذلك استخدام الرعاية الصحية باعتبارها "أداة للعنف". في أوقات النزاع في ليبيا ومصر والبحرين وسوريا والعراق؛ اشترك الأطباء في بعض الأوقات في التعذيب، فمنعوا الرعاية الصحية عن بعض المرضى، وقدموا للجنود معالجة تفضيلية.

إن تجربة العراقيين هي المَثَل الأطول أمدا في تأثير الحرب على الرعاية الصحية. على الرغم من تزايد ميزانية وزارة الصحة العراقية، فالفساد وغياب الإرادة لدى القادة أديا إلى تدهور النظام الصحي في البلاد. أيضا تشجع الحكومة المواطنين على طلب الرعاية الصحية في الخارج عن طريق سداد بعض التكاليف، ولكن أنبوري ودويشي يقولان إن الناس الذين لديهم صلات ومعارف هم فقط الذين يحصلون على دفعات للعلاج في بلدان أخرى.

يخشى دويشي أن العديد من المرضى -وخاصة بين الفئات ذات الدخل المتوسط والمحدود- يتعرضون للاستغلال، ويتكبدون النفقات المفرطة عند الحصول على الرعاية الصحية في الخارج. وهذا هو الحال في لبنان بشكل خاص؛ حيث تحدد الجهات الخاصة أسعارها الخاصة، في نظام تجاوز طاقاته إثر عدم استعداده لتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، فرارًا من الحرب في بلادهم.

"لإنقاذ حياة أحد أفراد الأسرة، يريد الجميع أن يفعلوا أفضل ما في وسعهم"، حسب دويشي. "[ولكن كونك] مستغلا من قبل النظام يضاعف من آثار الحرب".

لا تطلب الرعاية الصحية في الخارج في حالات الطوارئ، أو لاحتواء الأمراض مثل شلل الأطفال فحسب، بل للرعاية الطويلة الأجل والأمراض غير المعدية مثل السرطان والسكري أيضا. في بحث آخر نشر في هذه السلسلة، تقول حنان عبد الرحيم -المتخصصة في الصحة العامة من جامعة قطر-: إن القضايا الصحية غير الطارئة غالبا ما تكون غير ذات أولوية في أوقات النزاع، لكنها أصبحت أكثر بروزا. وهي تقترح أن الرعاية الصحية في المنطقة ستتحسن إذا توصلت الدول لتوقيع الاتفاقيات الدولية.

قد تكون وسيلةً لإخضاع الدول للمساءلة، كما تقول. "إذا التزمت الدول باتفاقيات دولية، فسيراقبون المؤشرات، وسيتعين عليهم تقديم تقارير عن التقدم الذي أحرزوه".

دويشي -المتخصص في الصحة العامة والأنثروبولوجيا- يقول: إنه بالإضافة إلى معالجة القضايا الصحية من منظور طبي، يمكن للعلوم الاجتماعية أيضا أن تلعب دورا. "حاولت أعمالي دوما فتح حوار بين مختلِف التخصصات حول مواقف الحياة الحقيقية ومضامينها"، كما يقول. "إننا بحاجة إلى استخدام أنواع مختلفة من الأدوات والمهارات وطرق التفكير حول المشاكل الصحية".

doi:10.1038/nmiddleeast.2014.27


  1. Dewachi, O. et al. Changing therapeutic geographies of the Iraqi and Syrian wars. The Lancet (2014) doi:10.1016/S0140-6736(13)62299-0
  2. Abdul Rahim. H.F. et al. Non-communicable diseases in the Arab world. The Lancet (2014) doi:10.1016/S0140-6736(13)62383-1