مقالات

قطر تتطلع إلى بحوث الخلايا الجذعية

نشرت بتاريخ 27 نوفمبر 2013

أمة صغيرة لديها خطط عظيمة للعلوم.

جو مارشَنت


عبد العالي الحوضي
عبد العالي الحوضي

تعتزم قطر أن تصبح قاعدة علمية للبلاد العربية تحظى باحترام دوليّ. في عام 2006، تعهّد أمير الدولة السابق، الأمير حمد بن خليفة آل ثاني، بإنفاق 2.8% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد على البحوث - وهو الاستثمار الذي وصل إلى ما يقدّر بـ3.5 مليارات دولار أمريكي في عام 2010. يتدفق الكثير من هذه الأموال من خلال مؤسسة قطر، التي أُنشئت عام 1995 بفضل هبات أميرية بعدة مليارات من الدولارات. أحد أكبر موضوعات البحوث التي تستحوذ على التركيز هو الخلايا الجذعية، وقد أنشئ مركز خاص بها (افتُتح في فبراير 2012). ومع تدفّق التمويل بحريّة، هل ستتمكن قطر من مناقشة المخاوف الأخلاقية، وبناء الخبرات اللازمة لتصبح رائدة عالمية في هذا المجال؟ سألت نيتشر عبد العالي الحوضي، نائب رئيس مؤسسة قطر للبحوث، كيف يخطّط للقيام بذلك؟

لماذا تستثمرون في بحوث الخلايا الجذعية؟

أسّسنا معهد قطر لبحوث الطب الحيوي في عام 2007، وفيه خمسة مراكز بحثية، تركّز على داء السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، والأمراض المُعدِية، والأمراض العصبية التنكّسية. ولقد أدركنا أن المراكز الخمسة جميعها ستستفيد من بحوث الخلايا الجذعية. لذا [عملنا] على إنشاء بنك حيوي للخلايا الجذعية، وبدء البحوث والتدريب مع عدد من الشركاء الدوليين، وتنظيم المنتديات العلمية والسياسية والتصدي للتحديات الأخلاقية. و[قد افتُتح] مركز بحوث الخلايا الجذعية في عام 2012، و[رافق] الافتتاح مؤتمر دولي كبير.

هل تستطيع قطر أن تصبح رائدة عالمية في هذا المجال؟

نهدف إلى تطوير مركز متميز في بحوث الخلايا الجذعية في قطر خلال السنوات الخمس المقبلة. التحدي الرئيسي الذي سنواجهه هو إيجاد الحدّ الأدنى من المؤهّلين. لن يكون التمويل عاملا مقيّدا، وهذه ميزة كبيرة بالنسبة لنا؛ فقد كانت هناك قيود شديدة على التمويل الاتحادي لعدد من السنوات في الولايات المتحدة على سبيل المثال. لا يمكن إجراء هذه البحوث دون تمويل ودعم كبيرين، ونحن نقدم الاثنين معا.

في العام الماضي أرسلنا ستة من الطلاب القطريين ليتلقوا التدريب على بحوث الخلايا الجذعية في مؤسسات خارجية، ومن ضمنها معهد هارفارد للخلايا الجذعية في كامبريدج، ماساشوستس، وجامعة كامبردج في المملكة المتحدة، والكلية الامبريالية بلندن. وفي غضون عدة سنوات، عندما يحصلون على شهادات الدكتوراه، سيعودون لينضموا الى مركز بحوث الخلايا الجذعية.

هل يسمح الإسلام باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية؟

ترتبط العديد من الآثار الأخلاقية التي تحيط ببحوث الخلايا الجذعية بالدين. لذلك أقمنا شراكة مع معهد جيمس أ. بيكر الثالث للسياسة العامة في جامعة رايس في هيوستن، تكساس؛ لوضع سياسة خاصة بهذا الشأن.

في مارس 2009، عقدنا ورشة عمل دولية، ووجهنا الدعوة إلى العلماء والمختصين بالشؤون الأخلاقية، وخبراء الأديان السماوية؛ الإسلام واليهودية والمسيحية. وجدنا أن الإسلام شديد التسامح في الواقع عندما يتعلق الأمر باستخدام الأنسجة الجنينية. في وقت لاحق من ذلك العام، نظّمنا دورة خاصة بعلماء الدين الإسلامي وحدهم، ووضعوا القواعد الرسمية التي نطلق عليها: "الفتوى". إنهم يسمحون باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية للبحوث والعلاج، وهي شديدة الأهمية للعلماء في هذا الجزء من العالم.

ما الذي جاء في نص الفتوى؟

يمكننا استخدام أنسجة من الأجنّة التي لم تستمر لأكثر من 14 يوما بعد الإخصاب. ويجب أن نحصل على موافقة الوالدين. لا يمكننا أن نخلّق أجنّة من أجل البحوث خصيصا، ولا يمكننا استخدام الأنسجة لأغراض تجارية، بل من أجل البحوث الأساسية فحسب أو لتطوير علاجات جديدة. إذا استُوفيت هذه الشروط جميعها، عندئذ يعد تدمير هذه البويضات الملقحة مجرّد تدمير لخلايا بشرية لم تُنْفَخ فيها روح الإنسان، واستخدامها مفضَّل عن إهدارها.

كيف قرّر العلماء المسلمون ما هو المسموح؟

هناك ثلاثة مصادر رئيسية للتشريع. أولها هو القرآن الكريم. معظم التوصيات الرئيسية موجودة هناك. وثانيها هو الحديث الشريف، أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله. أما ثالث المصادر فهو ما أجمع عليه العلماء من تفسيراتهم الخاصة المحدّثة التي هي أكثر ملاءمة للوقت والسياق الحاليين. لن تجد التفاصيل التقنية للخلايا الجذعية في القرآن الكريم أو الحديث الشريف. لذا كان يتحتم عليهم الابتكار.

هل أنت بحاجة لإقناع الناس أيضا؟

إن الوصول إلى إقناع الجمهور أمر كبير الأهمية. في مايو 2010 نظّمنا ندوة دار فيها نقاش للموضوع بين فريق من العلماء وخبراء الأخلاقيات وعلماء الدين من ناحية، والجمهور من ناحية أخرى، وقد استحوذت على الكثير من الاهتمام. ولكن هذا لا يكفي. نحن بحاجة إلى تكرار ندوات كهذه بشكل منتظم.

ما البحث الذي تجرونه الآن؟

لم نبدأ بحوث الخلايا الجذعية الجنينية بعد، ولكننا نعمل بالفعل على الخلايا الجذعية المستحَثة متعددة القدرات (IPS) في حرم كلية طب وايل كورنيل في قطر. أحد مجالات التركيز هو داء السكري، الذي يشكّل مصدرا كبيرا للقلق الصحّيّ بالنسبة لبلدنا.

هل تأمل في استقطاب الباحثين من جميع أنحاء العالم؟

إذا كنا نريد أن يكون للبحث تأثير عالمي، فعلينا أن نقوم به مع الآخرين. لن نستبعد أحدًا، ولكننا نريد أن نعطي اعتبارات خاصة للعلماء العرب– المغتربين الذين تدربوا في عدد من أفضل المؤسسات العالمية. ربما كانوا يواجهون بعض القيود أينما كانوا في هذه اللحظة، ولذا فإننا نرغب بمجيئهم إلى هنا والعمل معنا.أعيدت صياغة هذا المقال بإذن من Nature

doi:10.1038/nmiddleeast.2013.224