مقالات

المصادر مقابل الخبرات: بحثًا عن ثقافة سليمة للبحوث

نشرت بتاريخ 27 نوفمبر 2013

لا تستخدم مراكز البحوث في الشرق الأوسط أحدث طرق تكنولوجيا الخلايا الجذعية.. ويصارع العلماء القليلون لمواكبة نظرائهم العالميين.

أندرو بوسون


© Science Picture Co / Alamy

على الرغم من الطموح العالي الذي تبديه عدة دول في الشرق الأوسط لكي تصبح ذات دور عالمي مهم في مجال بحوث الخلايا الجذعية، إلا أن علماءها يتعرضون للإحباط بسبب العديد من العوائق. فنقص التمويل ونقص الخبرة والثغرات في التعاون الإقليمي تمنع العلماء من التقدّم.

ويبقى الحصول على التمويل الضروري مهدَّدا بسبب عدم توافر الباحثين من ذوي الخبرة في الخلايا الجذعية المستحَثة متعدّدة القدرات (iPS). إن التكنولوجيا وراء هذه الخلايا الجذعية المستحَثة متعددة القدرات –التي تعيد برمجة الخلايا الجذعية البالغة النمطية إلى خلايا مستحَثة مشابهة للخلايا الجذعية الجنينية– باهظة التكلفة، ولكن الممولين يفضّلون دعم الباحثين من ذوي الخبرة في هذا المجال؛ بسبب المخاوف الأخلاقية المرتبطة بالخلايا الجذعية الجنينية.

ونتيجة لذلك، تقوم كل من الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB) وكلية طب وايل كورنيل في قطر (WCMC-Q) بإنشاء مختبرات للخلايا الجذعية المستحَثة متعددة القدرات؛ لجذب الخبرة اللازمة واستكمال بنائها.

يقول وسيم أبو الخير -الأستاذ المساعد في قسم علم التشريح والبيولوجيا الخلوية والعلوم الفيزيولوجية في الجامعة الأمريكية في بيروت-: إن تمويل بحوث الخلايا الجذعية الجنينية يتلاشى. ويضيف: "إننا نتراجع في مجال الخلايا الجذعية المستحَثة متعددة القدرات؛ وكل المختبرات الأخرى [في مجال بحوث الخلايا الجذعية] تتراجع كذلك، والتمويل يتضاءل".

يتحرك علماء الجامعة الأمريكية في بيروت ببطء نحو البحث باستخدام الخلايا الجذعية البشرية المستحَثة متعددة القدرات، ولكن انتظار الحصول على موافقة مجلس المراجعة الداخلية للجامعة والسلطات الحكومية اللبنانية يؤخر عملهم. كما يمكن للبيروقراطية أيضا أن تؤخّر وصول المواد المستوردة اللازمة لإجراء التجارب الحائزة على الموافقة لعدّة شهور.

ولكن هذا لم يمنعهم من تنفيذ خطط بحوث الخلايا الجذعية. يستخدم أبو الخير الخلايا الجذعية المستحَثة متعددة القدرات لدراسة الاضطرابات الوراثية واسعة الانتشار، مثل الثلاسيميا، في عيّنات من أسر لبنانية ترتبط بصلة قربى.

تعـــــــــاون

إننا نركّز على الاجتماعات والاتفاقات، وشراء أدوات باهظة الثمن، لكننا لا نقوم بأفضل العلوم

لقد دأب وزميله مروان صبّان على العمل مع رونالد مكاي، من معهد ليبر لتطوّر الدماغ في جامعة جونز هوبكنز. مكاي أيضا عضو في المجلس الاستشاري الخارجي لمعهد الأعصاب في الجامعة الأمريكية في بيروت، وهي الصلة التي يصفها صبّان بأنها نموذج لكيفية "إقامة علاقات جيدة مع العلماء وتبادل الخبرات".

ولكن اختيار الشركاء المناسبين قد يكون مفعما بالمخاطر. فحسب ما يرى العلماء، قد لا يكون كل تعاون مفيدا لجميع الشركاء المعنيين. يقول صبّان: إن بعض العلماء يسعون للتعاون بغرض استخدام موارد الأنسجة فقط من أجل عملهم، وللحصول على الثناء عند ظهور النتائج. "أنا لا أريد القيام بهذا النوع من العمل. إن هذا ليس جيدا للبنان، وليس جيدا لعلماء لبنان"، وفق ما قال.

ولكن قد يكون عدم توافر الباحثين المحليين الجيدين في بعض الأحيان سببا يحتّم النظر لما هو أبعد من ذلك، وفقا لقول أراش الرافعي، مدير مختبر الخلايا الجذعية والبيئات المكروية في ((WCMC-Q. وهو يقول إن الباحثين في المؤسسات في قطر طلبوا المساعدة من الخارج لأن البلاد تضمّ عددا قليلا من العلماء، على الرغم من وفرة الموارد.

وعلى الرغم من النهج الذي يسلكه الباحثون الإقليميون بغرض التعاون، يقول الرافعي إن معظم أعمالهم لم تكن واعدة. من الصعب التخلّي عن التعاون الحالي مع النظراء الغربيين -كما يقول- إذا لم يكن بوسع أحد النظراء الإقليميين إحراز تقدّم في الدراسة. بالإضافة إلى عدم توفر أي منصة تفاعلية للباحثين المحليين تقريبا. "ليس لدينا مؤتمرات محلية حقّا. إننا نذهب إلى المؤتمرات الدولية لكي نندمج في المجتمع الدولي".

شاكر عدرا، الذي غادر مؤخرا مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز البحوث في المملكة العربية السعودية، يقول: إن جذور المشكلة أعمق. "إننا نركّز على الاجتماعات والاتفاقات، وشراء أدوات باهظة الثمن، لكننا لا نقوم بأفضل العلوم"، وفقا لعدرا.

وهو يلقي باللوم على الافتقار إلى "روح الفريق" لدى العلماء العرب بحسبانه السبب الرئيسي لغياب التعاون. وهو يقول إن العديد من العلماء يهتمون فقط بنشر أعمالهم، لذا يركزون على التعاون مع نظرائهم الغربيين.

والنتيجة، وفقا لصبان، هي عدم تمكن ثقافة البحث العلمي من الترسّخ في دول الخليج التي تحاول أن تصبح مراكز للعلوم، في حين أن دولا مثل لبنان -الذي يضم عددا كبيرا من الباحثين، ولكنه يفتقر إلى التمويل- لا تحصل على الدعم الكافي لمشروعاتها.

يعتقد صبان أن الظروف المناسبة ستمنح العلماء المحليين فرصة للنجاح. وهو يضع تشبيها: كما تعزل الخلايا الجذعية في "البيئة المكروية" الملائمة لكي تسلك كما يجب في عضو معيّن من الجسم، كذلك سيكون حال العلماء إذا توافرت لهم الظروف والموارد الملائمة، فقد يبرعون ويحققون اختراقات علمية.

doi:10.1038/nmiddleeast.2013.220