أخبار

العلاج عبر سكايب: استخدام مبتكر للتكنولوجيا في سوريا التي مزقتها الحرب

نشرت بتاريخ 6 نوفمبر 2013

العاملون في الطب بلا خبرة يتحولون نحو التكنولوجيا الحديثة في محاولة لإنقاذ الأرواح في أثناء الحرب.

صوفي كزِنز


© Gallo images / Alamy

في أثناء وجبة سورية تقليدية في بلدة أنطاكية الحدودية جنوب تركيا، طالعت مجموعة من الأطباء صورا للمرضى المصابين في أحد مستشفيات مدينة حلب التي يسيطر عليها الثوار. كانوا يتحدثون بحماس حول المساعدة التي تقدمها الوسائل التكنولوجية الحديثة لإنقاذ الأرواح في سوريا، على الرغم من النقص الحاد في المعدات الطبية.

زاهر سحلول -المختصّ بالعناية المركزة، ورئيس الجمعية الطبية السورية الأمريكية- يعيش على بعد نحو 10,000 كم في شيكاغو، ولكنه حلبيّ الأصل. وقد دأب سحلول على علاج المرضى عبر سكايب في وطنه الذي مزقته الحرب لأكثر من عامين.

لقد أصبحت عدة مستشفيات في أماكن مثل حلب وإدلب مزوّدة بوحدات إسعافية للعناية المركّزة الإلكترونية (eICU)، تصل اختصاصيي العناية الإسعافية في الولايات المتحدة بطاقم الأطباء والتمريض المحليين. وباستعمال سكايب وكاميرات الويب يوجّهون المسعفين محدودي الخبرة لإنجاز الإجراءات المعقّدة، مغيّرين من فرص شفاء بعض المرضى.

يقول سحلول: إن هذا النهج غير مسبوق في سوريا، ويتابع القول: "يمكنني من الولايات المتحدة مساعدة الأطباء. وإذا كانت المستشفيات المحليّة تمتلك الإمدادات، فسأتمكن أيضا من تدريبهم على مجموعة متنوعة من العمليات الجراحية المختلفة".

لقد اسْتُنفِدَت الخبرات الطبية السورية بشكل كبير مع مغادرة العديد من الأطباء خوفا على حياتهم. وكثير من الباقين تلقوا تدريبا محدودا، أو تلقوا تدريبهم كأطباء بيطريين. وقد وفّرت الحرب منعطفًا مرعبا للتعليم؛ حيث أُلقِيَ العديد منهم في مواجهة عمليات جراحية معقدة، دون أن يكونوا قد وطِئوا غرفة العمليات فيما مضى.

وكان سحلول قد صوّر أفلاما تعليمية باللغة العربية وحمّلها على يوتيوب لتوجيه الأطباء في سوريا حول طرق معالجة أنواع النزيف الخارجية وتنظيف الجروح وخياطة الإصابات شائعة الحدوث في مناطق الصراع.

إن التأثير النفسي كبير جدا. لقد جافاني النوم عندما كنت هناك

وقد قام مهندس سوري مختص بأنظمة الإنترنت بتشفير البيانات وإنشاء حسابات على شبكات خاصة افتراضية (VPN) لتأمين التواصل عبر الإنترنت مع أصحاب المهن الطبية السوريين.

يقول يوفال درور -من مدرسة الدراسات الإعلامية في كلية الدراسات الأكاديمية الإدارية في إسرائيل-: إن الناس في مناطق الحرب يستخدمون وسائل التكنولوجيا الحديثة.

ويُعدُّ أعضاء الطواقم الطبية وعمّال الاغاثة أهدافا شائعة لعمليات الخطف في سوريا. ولقد سهّل الاستخدام المبتكر للتكنولوجيا نشوء حقبة جديدة للإسعاف الطبي، مما أسهم في تغيير "قواعد الحرب"، كما يتابع: "لم تحقّق وسائل التواصل الاجتماعية القدرة على التوثيق والمشاركة فحسب، بل أسهمت أيضا في تنسيق الإجراءات وتنسيق الآراء".

يقول سحلول -الذي استخدم مواقع التواصل الاجتماعي لجمع ما قيمته 5 ملايين دولار أمريكي من الإمدادات الطبية للناس في سوريا-: إن ندرة المختصين خلقت الحاجة لنصح الأطباء المحليين وتوجيههم حول عدد من الحالات الطبية، وليس الإصابات الناجمة عن الصراع فقط. ويستضيف المختصون الأمريكيون لقاءات أسبوعية على سكايب؛ لمساعدة ممارسي الطب العامّ على مواجهة حالات صحية معينة.

"على سبيل المثال، لا يتوفر مختصون بأمراض الكلى، أي أن المرضى لا يتمكنون من الحصول على خدمات طبية منتظمة لتأمين الديال الكلوي (غسيل الكلى). ولكننا نتمكن عن طريق اللقاءات الأسبوعية على سكايب، من توفير بعض المساعدة على الأقل"، استنادا إلى سحلول.

لكن، في حين تبدو نهاية الصراع بعيدة، يتابع الملتزمون بمساعدة الجرحى دفعَ الحدود للتعامل مع نتائج الحرب.

عودة إلى العشاء في البلدة الحدودية، وبين لقيمات من الكبة، يشير منذر يازجي -المتخصص في الطب الباطني، الذي كثيرا ما يزور سوريا لمساعدة الموجودين هناك- إلى أن غالبية الأطباء العاملين هناك مصابون باضطراب ما بعد الصدمة.

"عندما يرون 50 مريضا كل يوم، ستسهل إصابتهم بتبلّد الشعور، والهياج"، كما يقول. "إن التأثير النفسي كبير جدا. لقد جافاني النوم عندما كنت هناك".

doi:10.1038/nmiddleeast.2013.205