أخبار

اكتشافات من الأعماق

نشرت بتاريخ 24 سبتمبر 2013

فريق من باحثي الشرق الأوسط يعزل إنزيمات من أحد أكثر أوساط الأرض تطرفا، ويهدف إلى الحصول على براءة اكتشافها لاستعمالها في تطبيقات بيوتكنولوجية متنوعة.

محبّ قسطندي


رانية صيام وفريقها يكتشفون إنزيمات فريدة في بكتيريا شديدة الاحتمال تعيش في ظروف قصوى في البحر الأحمر.
رانية صيام وفريقها يكتشفون إنزيمات فريدة في بكتيريا شديدة الاحتمال تعيش في ظروف قصوى في البحر الأحمر.
© Rania Siam/AUC

يعتقد الباحثون أن الإنزيمات المعزولة من البكتيريا شديدة الاحتمال في برك المياه المالحة في عمق البحر الأحمر قد تكون فعّالة كعوامل تحلِّل الملوثات الصناعية والمواد الكيميائية السامة.

تُعدُّ هذه البرك معادية لمعظم أشكال الحياة؛ بسبب درجة حرارتها التي تصل إلى 70 درجة مئوية، ومستويات ملوحتها التي تفوق ملوحة مياه البحر العادية بأكثر من سبع مرات، والتركيزات العالية للمعادن الثقيلة، وعدم وجود الأكسجين فيها.

لم تكن هذه البرك موضع بحث مستفيض، ولكن الدراسات المحدودة التي أجريت عليها تشير إلى أنها تزخر بمجموعة واسعة من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الظروف القصوى، والتي تنتج بعض الإنزيمات الفريدة من نوعها.

تصف رانيا صيام -من الجامعة الأمريكية في القاهرة (AUC)- مظاهر التكيُّف التي تمكّن هذه المجتمعات الميكروبية من الانتعاش في الظروف القاسية.

وقد أدى مشروع تعاوني كبير -يجري تنفيذه بالاشتراك مع باحثين من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (KAUST) في ثول، المملكة العربية السعودية- إلى تحديد عدة سلالات متميزة من بكتيريا الظروف القصوى.

إن عزل الميكروبات من هذه البيئات المتطرفة أمرٌ صعب، لذا لجأت صيام وزملاؤها إلى طريقة مختلفة قليلا لتحديد الإنزيمات الجديدة. توضّح صيام قائلة: "إننا نستخدم الجينومات البيئية"، وتتابع: "وبدلا من عزل ميكروب واحد، فإننا نعزل الجينومات الموجودة في البيئة ونحلِّلها". باللجوء إلى هذه الطريقة، حدّدت صيام وزملاؤها اثنين من الإنزيمات الجديدة، وُجدا في عينات المياه المأخوذة من بركة المياه المالحة أتلانتيس II في البحر الأحمر، وقدّمت طلبات للحصول على براءات اكتشاف مؤقتة لكليهما.

ينتمي أحد هذين الإنزيمين لمجموعة الإستريز، التي تفكّك الإسترات -أحد فئات المركبات العضوية- إلى حامض وجزيء كحولي. يسبب تفاعل الحلمأة هذا كسر الروابط الكيميائية في الإسترات عن طريق إضافة جزيء الماء.

الإستريز هو أول إنزيم يُعزل من مثل هذه البيئة القاسية، استنادا إلى صيام. وهو نشط في ظل هذه الملوحة ودرجات الحرارة العالية وضمن تركيزات سامة من طيف واسع التنوع من المعادن الثقيلة، مما يعني أن له العديد من الاستخدامات. وتسرد صيام استخداماته بأنها: "تفكيك المواد الطبيعية، والملوثات الصناعية والمواد الكيميائية السامة،" وتقول إن استخدامه ممكن أيضا أن في صناعات الورق والمنظِّفات.

وللإنزيم الثاني أيضا استخدامات محتملة في إزالة الملوِّثات. وتُظهر الدراسات التي يقودها حمزة الدرّي وأحمد عبد العزيز، زميلا صيام في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أنه يتمكن من إزالة سميّة مادة معدنية معيّنة في ظل ظروف أشد قسوة بكثير، مقارنة بأي إنزيم آخر أمكن عزله حتى الآن.

"وبطريقة مشابهة، ينشط هذا الإنزيم تحت درجات ملوحة أعلى، ودرجات حرارة أعلى وتركيز أعلى بكثير من هذا المعدن الثقيل المعيّن، مقارنة بأي إنزيم آخر أمكن عزله من نفس العائلة"، كما تقول.

يحاول فريق البحث -الذي تقوده صيام- عزل وتوصيف الإنزيمات الأخرى المقاومة للمعادن الثقيلة من برك المياه المالحة في البحر الأحمر. إنهم يسعون إلى فهم وظيفة التسلسل الجيني الجديد من مواقع مختلفة.

doi:10.1038/nmiddleeast.2013.160


  1. Costandi, M. Extreme Red Sea bacteria pack protein potential. Nature Middle East (2011). doi:10.1038/nmiddleeast.2011.96
  2. , A., et al. Genome sequence of Haloplasma contractile, an unusual contractile bacterium from a deep-sea anoxic brine lake. J. Bacteriol. 193: 4551-4552 (2011) doi:10.1128/JB.05461-11