أخبار

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في مكة المكرّمة؟

نشرت بتاريخ 6 أغسطس 2013

في الوقت الذي يخطط فيه ملايين المسلمين للتوجه إلى مكة المكرّمة لأداء فريضة الحج، قللت السلطات الصحية من مخاوفها حيال تفشي الفيروس التاجي (coronavirus) الذي اكتُشف لأول مرة في المملكة العربية السعودية.

محبّ قسطندي


أجزاء فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية كما تشاهَد بالتلوين السلبي بالمجهر الإلكتروني.
أجزاء فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية كما تشاهَد بالتلوين السلبي بالمجهر الإلكتروني.
© Cynthia Goldsmith/Maureen Metcalfe/Azaibi Tamin/CDC

مع اقتراب موسم الحج السنوي، اعتبرت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن تفشّي متلازمة الشرق الأوسط التنفسية التي يسببها الفيروس التاجي (فيروس كورونا) لا يستدعي إعلان حالة طوارئ صحية عمومية دولية.

ووسط مخاوف من إمكانية تزايد إنتشار فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ليصبح وباءً بدرجة مماثلة للفيروس (سارس) عام 2003، اجتمعت لجنة الطوارئ المعنيّة باللوائح الصحية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية مرتين هذا الشهر.

وقد اتفق أعضاء اللجنة الأسبوع الماضي بالإجماع على أن انتشار المتلازمة لا يستوفي الشروط الكافية لإعلان حالة طوارئ صحية عمومية تستدعي قلقا دوليا.

وقد تم الكشف عن فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية لأول مرة في المملكة العربية السعودية في شهر سبتمبر 2012، ومنذ ذلك الوقت تم الإبلاغ عن وجودها في كل من: الأردن، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وتونس.

آخر مصاب تم الإبلاغ مؤخرا عن إصابته من قِبل وزارة الصحة السعودية، هو رجل يبلغ من العمر 66 عاما من مقاطعة عسير في الجنوب الغربي من المملكة، ويُذكر أن حالته الصحية مستقرة. ومع هذه الإصابة يرتفع العدد الإجمالي للحالات المثبتة مخبريا إلى 80 حالة، من ضمنها 45 إصابة قاتلة.

بوجود 66 حالة موثّقة - من بينها 38 حالة وفاة - في المملكة العربية السعودية، برزت مخاوف من أن ملايين الحجاج المسلمين الذين سيلتقون في مكة المكرمة في أكتوبر قد يوفّرون ظروفا مثالية لانتشار الفيروس. إحدى السمات المميزة للوباء العالمي هي استمرار انتقال المرض من إنسان إلى آخر. ولكن، في حين يمكن انتقال الفيروس من شخص إلى آخر، فإن استمرار انتقال العدوى في المجتمع لا يزال أمرا غير واضح، استنادا إلى موقع منظمة الصحة العالمية.

الخفّاش هو المصدر

وفقا لمجموعة دراسة فيروس كورونا، تشير المعطيات الوبائية القليلة المتوفرة إلى أن فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية يصيب الحيوانات في المقام الأول، وإلى أن انتقال الفيروس بين البشر محدود، وأنه لا ينبغي – بعد - أن يُصنَّف بوصفه فيروسا بشريًّا.

في بيان نُشر مؤخرا في Journal of Virology، أفاد الباحثون أن الخفافيش قد تكون هي العائل الطبيعي للفيروس، وأن متغيرا واحدا من الممكن أن يكون قد حدث ونقله إلى حيوان وسيط غير معروف، قبل أن ينتقل إلى البشر.

لكن إيان جونز - عالم الفيروسات في جامعة ريدينج - يقول إنه لا يرى في الوقت الحالي دليلا مباشرا على دور حيوان وسيط في انتشار فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، فهو يقول: "قد تأتي العدوى مباشرة من الخفافيش، عن طريق تلويث المواد الغذائية البشرية بفضلات الخفافيش، وبولها، أو لعابها".

ويضيف أن هناك توازيًا بين تفشّي فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وتفشّي الفيروس الخفاشي الذي يسمى فيروس نيبا في بنغلاديش. ففيروس نيبا ينتقل مباشرة إلى البشر الذين أصيبوا بالعدوى من خلال تناول الأغذية الملوثة.

ضعف التكيّف مع البشر

لا أعتقد أن هناك حاجة في الوقت الحالي لأكثر من اتباع الإجراءات الفطرية السليمة.

في حين أن متلازمة الشرق الأوسط التنفسية شديدة الفوعة وتترافق مع ارتفاع معدل الوفيات في الحالات الموثّقة، إلا أن انتقالها يبدو ضعيفا حاليا. ولكن من الممكن أن تحدث طفرات في البروتين الحسكي، أحد مكونات غلاف الفيروس الذي يتفاعل مع الخلايا العائلة، وهذا ما يمكن أن يزيد من قدرته على الانتقال بين البشر.

"تشير البيانات الجينومية المتاحة إلى عدم وجود اختلافات كبيرة في الفيروس، [كما] لا يبدو أن هناك أي مؤشر على تكيف الفيروس مع النمو في البشر"، استنادا إلى جونز. لكن هذه البيانات محدودة في الوقت الحالي، وما يزال العدد الإجمالي للحالات صغيرا جدا، وقد تمكن الباحثون من وضع التسلسل لخمسة جينومات فيروسية فقط حتى الآن.

يقول جونز إنه من المهم مواصلة وضع الصفات المميزة لجينوم فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية؛ وذلك لمعرفة كيف يختلف عن فيروس السارس، وإمكانية تكيفه مع النمو في البشر بشكل أكثر كفاءة. تشير التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى وجود تغيّر في نمط العدوى، إشارة إلى وجود حالات جديدة تصيب الإناث الأصغر سنا، اللاتي يظهرن أعراضا أقل شدة. وكانت حالات أخرى خالية تماما من الأعراض، قد أثارت إمكان وجود العديد من الإصابات الطفيفة التي لم تُكتشف بعد.

يعتقد جونز، استنادا إلى خبرته، أن فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية "غالبا ما لن" تصل إلى حدّ الوباء، وأنها لن تمثّل تهديدا محددا خلال فترة الحج إلى مكة المكرمة. إنها على صلة بالفيروس الذي يسبب نزلات البرد، ويمكن احتواؤها - كما يقول - باتباع سبل النظافة البسيطة.

"لا يبدو أن ثَمَّة تركيزا للإصابات في المنطقة القريبة من مكة المكرمة، وأنا لا أعتقد أن هناك حاجة في الوقت الحالي لأكثر من اتباع الإجراءات الفطرية السليمة. اغسل يديك بانتظام، وكن حذرا من المواد الغذائية التي لا تبدو نظيفة".

doi:10.1038/nmiddleeast.2013.121


  1. de Groot, R.J et al. Middle East Respiratory Syndrome Coronavirus (MERS-CoV): Announcement of the Coronavirus Study Group. Journal of Virology (2013) doi:10.1128/JVI.01244-13