أخبار

أساتذة الجامعات المصرية يهددون بإضراب كامل

نشرت بتاريخ 1 أكتوبر 2011

بعد ثمانية أشهر من انضمامهم إلى المظاهرات الاحتجاجية بالشوارع، التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق المخلوع حسني مبارك، خرج من جديد أساتذة الجامعات المصرية إلى الشوارع، لكن هذه المرة للدعوة إلى إجراء إصلاحات بشأن تعيين رؤساء الجامعات.

حازم ذهني


يتظاهر أساتذة الجامعة خارج مكتب رئيس الوزراء.
يتظاهر أساتذة الجامعة خارج مكتب رئيس الوزراء.
داليا العقاد

نَظَّمَ نحو خمسة آلاف من أساتذة الجامعات وأعضاء هيئة التدريس من جميع أنحاء مصر في 11 سبتمبر 2011 احتجاج تَسَبَّبَ في توقف الحياة تمامًا في شوارع وسط القاهرة، حيث أطلق المتظاهرون هتافات، وحملوا لافتات تطالب الحكومة المؤقتة بتطهير الجامعات الحكومية من الرؤساء والعمداء ورؤساء الأقسام الذين عَيَّنَهُم نظام الرئيس المخلوع، وهو الالتزام الذي قطعته على نفسها الحكومة المؤقتة في مايو، لكنه لم يحدث حتى الآن.

وخلال سلسلة لقاءات خاصة مع رئيس الوزراء، د. عصام شرف، طلب عدة أساتذة ناشطين، مثل ليلى سويف، وهي أستاذة رياضيات في جامعة القاهرة، وعبد الجليل مصطفى، أخصائي دراسة القلب في جامعة القاهرة، إجراء تعيينات جديدة، من خلال عملية انتخابية مستقلة وشفافة.

وقال يسري سامح، وهو طبيب بيطري يُجْرِي دراسات عليا في جامعة عين شمس بالقاهرة، خلال مشاركته في المسيرة عبر شوارع العاصمة: "لم تعد الجامعات أماكن للتعليم منذ عدة عقود. لقد حولتها السيطرة الكاملة للنظام السابق عليها إلى معاهد؛ حيث تذهب إليها لتنسى أية أفكار قد لا تزال موجودة لديك عن الديمقراطية أو الوعي السياسي، ربما تكون اكتسبتها بالصدفة في شبابك".

بدأت هذه الحملة لتعزيز الحرية الأكاديمية والشفافية في نظام التعليم في مصر عام 2004 مع تأسيس حركة 9 مارس، وهي الحركة التي ضمت مجموعة من الأكاديميين الناشطين، مهمتهم هي السعي من أجل استقلال الجامعات في مصر عن أمن الدولة والتدخل الحكومي، ومحاربة عقود من الفساد.

في عام 2010، أمرت المحكمة الإدارية العليا في القاهرة بإنهاء احتلال حرم الجامعة من قِبَل حراس الأمن التابعين لوزارة الداخلية، الذي استمر لثلاثة عقود. وقال العديد من أعضاء هيئة التدريس إن هذا الحكم لم يُنَفَّذ بالكامل على الإطلاق.

وقالت سحر طلعت، أستاذ علم الأمراض في جامعة القاهرة: "الشيء الواضح هو أن بعض عناصر أمن الدولة عادوا بالتأكيد مرة أخرى إلى الحرم الجامعي في ملابس مدنية. وهذا أمر يعلمه الجميع" .

لقد سيطر الحزب الوطني الديمقراطي، السلطة السياسية الحاكمة سابقًا، بصورة كاملة على الجامعات لعدة عقود. وأدَّى هذه الأمر إلى إجراء انتخابات طلابية ذات مرشح واحد، بينما يملك جهاز أمن الدولة سلطة الموافقة على تعيين جميع رؤساء الجامعات، وعادةً ما كان يفضل أولئك الذين تربطهم صلات بالحزب الوطني.

جامعات ديمقراطية

لديهم عقود، وإذا تم إنهاءها عشوائيًّا، وإجبارهم على الاستقالة؛ سيكون لديهم الحق في مقاضاة الدولة

على الرغم من حَلِّ الحزب بقرار من المحكمة الإدارية العليا في إبريل 2011، رفض العديد من رؤساء الجامعات الاستقالة؛ واستمروا في مناصبهم، على الرغم من تعهُّد شرف في أيار/مايو 2011 بإقالة جميع رؤساء الجامعات في مطلع أغسطس 2011.

هذا.. ويؤكد رؤساء الجامعات أنهم لم يُتَّهَموا بارتكاب أي تجاوزات، وأن شروط تعيينهم سليمة من الناحية القانونية.

وقال مصطفى كمال، عميد جامعة أسيوط، في تصريح لموقع "يونيفرستي وورلد نيوز"،المَعْنِيّ بأخبار الجامعات على مستوى العالم: "ترى قياداتُ الجامعات هذا القرارَ مهينًا". وتساءل: "كيف يتم فصل رؤساء الجامعات الحاليين، بزعم أنهم ينتمون إلى نظام الرئيس السابق حسني مبارك؟. هناك مسؤولون خدموا في عهد مبارك، ولا يزالون يعملون في مؤسسات الدولة الأخرى".

وصوَّت أساتذة من 19 جامعة حكومية ـ على الأقل ـ بالموافقة على تصعيد احتجاجاتهم، إذا لم تتم تلبية مطالبهم، وذلك خلال اجتماع لأعضاء معاهد التدريس الأكاديمي في نادي تدريس جامعة القاهرة يوم 11 سبتمبر 2011.

وأعلن شريف حامد، المنسق التنفيذي للاجتماع، قائلاً: "استنادًا إلى الأصوات التي حصلنا عليها، فإن الغالبية الساحقة تؤيد الإضراب في جميع الجامعات مع بداية العام الدراسي في الأول من أكتوبر 2011، إذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا".

وخرج أعضاء معاهد التدريس الأكاديمي ـ الذي يضم خمسة آلاف عضو ـ في مسيرة باتجاه مقر مجلس الوزراء بعد انتهاء الاجتماع، مطالبين بلقاء رئيس الوزراء؛ لتأكيد طلبهم بأن يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حكام مصر العسكريون المؤقتون، بإنهاء جميع عقود رؤساء الجامعات، فضلاً عن تحسين الأجور لأعضائها، وزيادة الإنفاق الحكومي على البحث العلمي؛ ليصل إلى 2.5 ٪ من الناتج الإجمالي المحلي، بدلا من 0.24 ٪ حاليًا. وعلى الرغم مِنْ هذه الوقفة الاحتجاجية؛ لم تتح لهم فرصة للاجتماع بشرف.

وقد أصدر المجلس الأعلى للجامعات قرارًا بأنه سيتم استبدال رؤساء الجامعات الذين استقالوا من مناصبهم فقط، أو الذين انتهت فترة عملهم من خلال الانتخابات. وهذه الشروط تفتح فقط الباب أمام انتخاب 40٪ من قيادات الجامعات، بحسب صحيفة "المصري اليوم" اليومية.

ووردت تقارير تفيد بأنَّ استقالة رئيس جامعة القاهرة، التي كانت معلقة لأسابيع، تم قبولها في نهاية المطاف، بالإضافة إلى استقالة رؤساء كليات آخرين في عدة جامعات أخرى، بيد أن هذه الخطوة فقط من غير المرجح أن توقف الإضراب ابتداءً من اليوم الأول من العام الدراسي.

وقالت طلعت: "أعتقد أنه تم توضيح الأمر تمامًا بأنه إذا لم يستقل جميع رؤساء الجامعات والكليات بحلول هذا الموعد (بدء العام الدراسي)؛ فسنقوم بالإضراب".

ومع ذلك.. بالنسبة لكثير من الأكاديميين المعنيين، يبقى الإضراب الملاذ الأخير، الذي يمكن تفاديه، إذا كان ذلك ممكنًا. وقال محمد بلال، أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، إنه يقبل ببقاء رؤساء الجامعات في مناصبهم، حتى تنتهي عقودهم الحالية. وأضاف قائلاً: "لديهم عقود، وإذا تم إنهاءها عشوائيًّا، وإجبارهم على الاستقالة؛ سيكون لديهم الحق في مقاضاة الدولة".

نظام انتخابي معيب


داليا العقاد

يخشى باحثون آخرون من أنَّ النظام الانتخابي الجديد قد لا يلبي توقعاتهم. وانتقد خالد سمير، زعيم حركة عين شمس لاستقلال الجامعات، العملية الانتخابية المقترحة لاختيار رؤساء الجامعات في برنامج "بلدنا بالمصري"، وهو برنامج حواري شهير.

وبموجب النظام الجديد، فإن الكليات التي يعمل بها أقل من 20 من هيئة التدريس، أو أقل من 4 أساتذة، سيتم انتداب رؤسائها لها، بدلاً من انتخابهم مِنْ قِبَل الكلية. وبالتالي، فإن معظم جامعات الأقاليم لن يكون لديها رؤساء منتخبون.

ولم يتضح بعدُ مَن الذي سيكون مسؤولاً عن تعيين رؤساء الجامعات.

وأضافت طلعت: "هذا لم يوضَّح بشكل جَلِيٍّ في أي مكان، لكن عادةً سيكون رئيس المجلس الأعلى للجامعات هو المسؤول عن تعيين رؤساء الجامعات".

ومع ذلك.. بدأت بعض الجامعات الآن تسجيل المرشحين للانتخابات، وبدأ بالفعل التصويت لانتخاب رؤساء الأقسام في جامعة عين شمس، والقاهرة، وجامعة أسيوط بجنوب مصر.

ولا يزال من غير الواضح كيف سيتم حل الخلاف بين الأساتذة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وما يبدو مؤكَّدًا أنه بدون القيام بإصلاحات كبرى، سيعود الطلاب ـ على الأرجح ـ إلى مقاعد الدراسة مع بدء العام الدراسي، ولكن بدون وجود محاضرين.

doi:10.1038/nmiddleeast.2011.130